التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نظام عسكري وفوضى سياسية في افريقيا


________________________________________
نظام عسكري وفوضى سياسية في أفريقيا إحدى الإشارات المنذرة بالأزمة التي تعصف بساحل العاج منذ 19 أيلول/سبتمبر عام 2002 حدثت في العام 1991 حين أكد الرئيس فيليكس هوبوي بوانيي في مؤتمر صحافي إلى انه ليس مطروحاً أبداً معاقبة العسكريين بالرغم من التقرير الذي وضعته لجنة تحقيق اتهمتهم فيه بارتكاب أعمال العنف في حق طلاب المدينة الجامعية في يوبوغون. وقد راح القائد الأعلى للقوات المسلحة الوطنية في ساحل العاج يكرر قائلاً: “لا أستطيع أن أعاقب جيشي، فانتم تطلبون إليَّ أن أضع جيشي في مواجهتي... أنا لن أتخذ اي عقوبة"، هذا ما خلص إليه بغضب شديد هوفويت بوانيي الذي بدا في تلك الحقبة شائخاً ومريضاً و... كمن اسقط في يديه (١).

ففي أفريقيا، ومنذ تحقق الاستقبالات، تميزت العلاقات القائمة بين الحكومات والشعوب وجيوشها بنوع من الخداع الخطير. فقد اعتقدت الدول أن قوى الأمن بحكم تسلحها تمثل هذه القاعدة الصلبة التي ينهض عليها سلام السلطة السياسية واستقرارها. وكان الأمل انه في حالات الإضطرابات الخطيرة سيكون في إمكان العسكريين "القوة الوحيدة المنظمة" داخل الدول المتداعية، أن يدّعوا شرعياً أنهم منقذو البلاد من التداعي.

هكذا برر الكولونيل جازف دي زيريه موبوتو استيلاءه بقوة السلاح على السلطة في العام 1965 على انه "شر لا بد منه... وهو عمل سليم وشرعي ومبرر ومناسب”. وهكذا حطّم الجنرال ساني اباشا في العام 1991، بوحشية انطلاقة الشعب النيجيري نحو الديموقراطية التعددية وأعلن عالياً أن طموحه الوحيد هو أن يحكم نيجيريا بطريقة "حازمة" و..."إنسانية”. وهكذا أطلق العريف المتقاعد فوداي سنكوح والمتمردون السيراليونيون في العام 1991 حركة تمرد مسلحة فظيعة لهدف وحيد، كما أكدوا، هو "إنقاذ سيراليون من نظام فاسد متخلف وقمعي” (٢). وهكذا شبكة أخرى من "المخلصين"، من عيدي أمين دادا في أوغندا إلى جان بيديل بوكاسا في أفريقيا الوسطي إلى منغيستو هايلي مريم في إثيوبيا إلى صمويل جو في ليبيريا الخ... كلهم استخدموا البلاغة نفسها لتبرير إقحام القوة العسكرية في صلب العمل السياسي.

وكل ذلك لم يكن سوى نوع من الإيهام. فمنذ مطلع تسعينات القرن الماضي بات جلياً أن الميثاق المعقود بين السياسي والعسكري لا يمكن أن يشكل أساساً متيناً لتثبيت السلطات في شرعيتها الملتبسة. كما بدا واضحاً أيضاً أن الجنود الذين حوِّلوا عن مهماتهم الأصلية ووضعوا في الخدمة المطلقة للسلطة السياسية قد ينقلبون في اي لحظة على "اليد التي تطعمهم”. وهكذا رأينا رجالات باللباس العسكري ينشرون الفوضى والموت في كل مكان من القارة تقريباً، من ليبيريا إلى سيراليون ورواندا وزائير والكونغو وأفريقيا الوسطي، ولم نذكر هنا سوى بعض الحالات الأكثر مأسوية... حتى وصل الأمر بهم إلى بعض الدول التي كانت تعتبر حتى ذلك الوقت نموذجاً للسلام والإستقرار مثل ساحل العاج.

إن الدول الأفريقية هي مرضى بجيوشها، فيما الجيوش هي ضحايا دولها. وإن فقدان الحس الوطني وغياب "روح الجماعة" خصوصاً قد ألحقا الأذى إلى حد كبير بالجندي الأفريقي في كرامته ومصداقيته، فقد تحدث احد الكولونيلات عن مسيرة "تفتت” (3) سوف تؤدي في نهاية الأمر إلى حالة بؤس في أوساط الجيوش التي أصبحت "بلا قلب ولا روح" بحسب تعبير أحد الضباط (4).

والورقة الرابحة في نظر القوات المسلحة هي أن "روح الجماعة" تنشأ وتترسخ عبر الاحتكاك في ساحات المعركة، هذه المسارح الدائمة الوجود حيث كل جندي أياً تكن رتبته أو إثتنيته أو ديانته يضع حياته تماماً بين أيدي رفاق سلاحه. والجيش غير المنضبط والمنقسم على نفسه ينتهي به الأمر إلى أن يشكل خطراً على نفسه وعلى الدولة وعلى المواطنين المفترض به الدفاع عنهم. وبالعكس ففي الكثير من الدول الأفريقية تسيطر روح العشيرة أو الطبقة داخل القوى المسلحة التي لم تعد تملك من "الوطنية" سوى الاسم.

فمن جهة يبرز جيش "البارونات"، داخل الأنظمة حيث الدولة والجيش يتحولان "شريكين” (5) في نوع من التواطؤ بين أصحاب الإمتيازات حيث السلطة السياسية تتكل على الجيش الذي بدوره "يتغذى" من السلطة (6) وعلى رأس هذا الهرم ينعم بعض المترفين بالزى العسكري، وهم أقلية من ذوي الرتب العالية الذين أثروا بطرق غير مشروعة، وبشكل مهين تحولوا بورجوازيين، وغالباً لا يمكن المس بهم ولا عزلهم. ذاك انه إذا صح أن التواطؤ بين السياسي والعسكري قد جعل من بعض الأفراد ومن بعض الوحدات أصحاب إمتيازات في "النظام" فإن الحالة العامة للقوى المسلحة في أفريقيا هي التي يرثى لها غالباً.

وهناك جيش من نوع آخر في أسفل السلّم الاجتماعي لـ"الترابية" العسكرية، وهو مؤلف من جميع هؤلاء المهمين وسط كوكبة من أصحاب الإمتيازات الذين يتباهون بقوتهم وغناهم. ولهذا ربما نرى ما حدث منذ عشر سنين في أنوبون في غينيا الاستوائية "تلك الجزيرة الشديدة الفقر حيث كان يتمركز في الأشهر الأخيرة حوالي عشرين عسكرياً أكلوا كل ما فيها من هررة تاركين الساحة خالية أمام الجرذان التي التهمت المزروعات، وهذه المصيبة دفعت الناس إلى الانقضاض على العسكريين البائسين” (٧).

وفي انهيار القوات المسلحة الزائيرية الذي أدى إلى النهاية المأسوية للرئيس موبوتو، خير دليل على نشوء هذه الجيوش على وتيرتين، "منقسمتين ومتعارضتين وغير متكافئتين"، والقاعدة السائدة في ما يتعلق بالتجنيد لا بل بالتطويع في الكادر، هي أن يكون الجنود غالباً من "الزبانية السياسية الإثنية" كي يكونوا موثوقاً بهم أكثر ومطواعين (٨). وهكذا نجد أن بضع المئات من العسكريين الذين هم وراء حركة التمرد والأزمة المسلحة الحالية في ساحل العاج كانوا قد جنّدوا على يد الجنرال غويي "لدواعٍ شخصية”.

وفي مواجهة الحالة المادية المتداعية وحالات التمييز والإقصاء يسهل انتقال هؤلاء الجنود المهملين من الوضع غير اللائق بهم كعسكريين بؤساء ولكن شرفاء، إلى وضع "الجنود المرتزقة" الأقل تشريفاً وإنما الأكثر إفادة . ومن "المبتكرات" الرهيبة في الحرب الأهلية الفظيعة في سيراليون هو "السوبيل” (كلمة منحوتة من كلمتين تعنيان "جندي- متمرد”)، وهو نوع من الجندي الهجين الذي في إمكانه أن يكون "جندياً" نهاراً و”متمرد ـ رجل عصابة" ليلاً.

وإذا كانت الحالة البائسة للمواطن المدني تبقى "مجرد" مشكلة اجتماعية، فإن بؤس العسكر المسلح قد يتطور إلى تحدٍّ سياسي قد يعرّض للخطر ليس صمود النظام وحسب وإنما السلام والاستقرار في المجتمع بأكمله، وهنا يكمن الخطر الأكبر من تحوّل القوات المسلحة إلى التشرد. ففي أفريقيا الوسطي وخلال حركات التمرد التي وقعت في نيسان/أبريل وأيار/مايو وتشرين الثاني/نوفمبر عام 1996 قام الجنود "أولا بصياغة مجموعة من المطالب المهنية كأرباب عائلات يتقاضون الأجر الزهيد في آخر الشهر. [...] لكن سرعان ما اخترقت حالة الاستياء السياسية العسكرية حالة التذمر” (٩). وفي خريف العام 2002 اختل مجمل الوضع مجدداً في نظام الرئيس آنج فيليكس باتاسي وجمهورية أفريقيا الوسطي.

وفي ساحل العاج كان في أساس حركات التمرد التي وقعت في كانون الأول/ديسمبر عام 1999 وفي أيلول/سبتمبر عام 2002، ليس القضايا السياسية وحسب، وإنما المطالب "المهنية" من معاشات وعلاوات وسكن وترقيات. فما العمل مع هذه الجيوش الأفريقية البائسة الرديئة المنفلتة من كل رقابة في محيط مفسد حيث "المطالب" وإن تكن "في انطلاقتها غذائية لا بد أن تهدد أنظمة ضعيفة أساساً بسبب الضائقة الاقتصادية أو التوترات الإثنية”؟ (10).

وتمثل ساحل العاج حالة نموذجية للانحراف الذي يصيب القوات المسلحة والأمنية في تحولها التدريجي إلى "جيش رثّ" اي "طبقة عسكريين شبه منظمة فظة وشبه أمية" تروح شيئاً فشيئاً "تطالب بحصة في السلطة والنفوذ” (١١). ففي ظل حكم الجنرال غويي تميزت المرحلة العسكرية الانتقالية بالنفوذ المتنامي لـ"الشباب" من ضباط ثانويين أبدع بعضهم في أعمال النهب والغزو والأحكام الفورية والإعدامات وسائر الانحرافات الإجرامية، في الوقت الذي يكن للسياسيين ولا لكبار الضباط أي سيطرة عليهم عملياً. ومن الدلائل الأخرى على ذلك ما حدث في ليبيريا في ظل حكم الرقيب الشاب صمويل دو وفي سيراليون في ظل فالنتين ستراسر اليافع.

وفي مراحله النهائية يترجم هذا الانحراف بتحويل الجيوش الأفريقية بكل بساطة إلى عصابات. ففي زمن السلم يفرض بعض العسكريين ـ اللصوص قانونهم، فيتحولون رؤساء عصابات أو شركاء للمجرمين "يؤجرونهم" مثلاً أسلحتهم للقيام بعمليات غزو مقابل نسبة مئوية من الغنائم، فيستخدمون البدلات العسكرية لحماية أنفسهم أو للتمويه فينفذون عملياتهم من دون أي يلقوا أي عقاب. وفي زمنا الحرب تنكشف عملية التحول إلى عصابات عبر نشوء العشائر والزمر في صفوف مختلف القوى المسلحة. وإذا المجموعات التي تنشأ بهذا الشكل تعمل بطريقة الجريمة المنظمة.

وفي الرموز والأسماء العسكرية التي تختارها مختلف الفصائل خير دليل على الانحراف الإجرامي. أليس أن اسم "وست سايد بويز" (شبان الحي الغربي) في سيراليون يذكّر بعصابة نافذة في الأحياء السيئة السمعة في لوس انجلوس أكثر منه بمجموعة من "المقاتلين من أجل الحرية" تناضل لـ”خير السيراليونيين"؟ وكذلك "كوزا نوسترا" أو "كامورا" في ساحل العاج، وهي تسميات استعيرت من المافيا الإيطالية الأمريكية أو من هؤلاء "النينجا" المرعبين أو سائر "الكوبرا" في الكونغو... إن شعارات الحرب هذه قد اختيرت عن خبرة ووفقاً للأحداث المرئية أو المعاشة، أخذت من أفلام حيث "القائد" و"الغراب" أو سائر "الرؤساء" يتحدون علناً وبطريقة دموية النظام القائم. إنها عملية تقليد توضح إلى حد، نظرة عناصر هذه الفصائل إلى العالم وطموحاتهم.

وإذا كان هذا السلوك يعني غالباً القتل والسرقة والاغتصاب والنهب والهمجية، فإن هذه الجرائم هي في آنٍ واحد تعبير عن الدرك الذي بلغه العسكريون الذين رقّ عيشهم وشرّدوا (زائير في تسعينات القرن الماضي)، ووسيلة لإثبات الوجود في مواجهة نظام يتشبث بتجاهلهم بكل احتقار (ساحل العاج في العام 1999) أو طريقة لإظهار حجم سلطتهم الجديدة للتحكم بحياة وموت البشر والحجر (سيراليون وليبيريا في تسعينات القرن الماضي).

هذا الفساد في القوات المسلحة في حالة زائير قد تم خلال ما يزيد على 25 عاماً. فقبل عشرين عاماً على الانهيار النهائي العنيف في العام 1997، كانت إحدى المذكرات الرسمية قد لفتت الانتباه إلى "لائحة أعمال العنف التي لا نهاية لها عملياً" والتي يرتكبها الجنود الزائيريون. وفي هذه الوثيقة الرسمية التي قدّم لها الماريشال موبوتو نفسه عددت أعمال "السرقة والاختلاس والتزوير وترويج المزور وسلب الأموال والتوقيفات الاعتباطية والحواجز على الطرق وتفشي التغيب عن الوظيفة وفقدان الانضباطية”. ولم يتبع المذكرة أي ردة فعل من سلطة بدت مرتعبة من فكرة "وضع الجيش في مواجهتها” (12).

والنتيجة الكبيرة الأخرى لهذا التساهل هو زوال الحدود ما بين الخير والشر. فمحو الحدود بين المباح والمحرّم أدى إلى بروز وسط فاسد حيث لم يبق لشيء قيمة. ففي بوروندي اعتقد أول رئيس انتخب حديثاً بالطرق الديموقراطية، ملشيور ندادايي انه يحسن التصرف حين حاول الضرب على الوتيرة الوطنية أمام الجنود الذين حضروا لاغتياله في الانقلاب الذي وضع حداً لحكمه القصير في العام 1993. فقد ناشدهم الرئيس قائلاً: أعزائي العسكريين، عبّروا عما تعتقدونه وعما تتمنونه، فكروا في بلدكم وفي عائلاتكم ولا تسفكوا الدماء..." وبكل بساطة أجاب حملة السلاح قبل أن يغتالوه: “إن هذا لا يهمنا" (13). كما أن عدم احترام القوانين بلغ حد تحدي القانون الدولي، ففي ليبيريا في زمن الرئيس الرقيب صمويل دو ارتكبت "قوات حكومية" مجزرة ضد مدنيين عزّل في كنيسة ارتفع فوقها علم كبير للصليب الأحمر...

لكن الجنود الضالين ليسوا وحدهم الملومين، فليس للدول الأفريقية في الغالب سوى الجيوش التي بنتها لنفسها أو التي تستحقها، فالمجتمع السياسي في مجمله هو الذي يحتاج إصلاحا، وقد بدأت تظهر أكثر فأكثر في بعض الأوساط المدنية والعسكرية حالة من الوعي الشديد لرهانات السلام والأمن المهمة النابعة من التطورات الحالية. وفي عدد من الدول تجري عملية إصلاح للقطاع الأمني تتم على أساس أنها عنصر أساسي من مشروع شامل لإعادة بناء الدولة وتحويل المجتمع، كما في مالي أو جنوب أفريقيا أو موزمبيق، مما يدعو إلى عدم فقدان الأمل كلياً من القوات المسلحة الأفريقية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحث عن التنمية المستدامة ( البحث منقول)

مقدمة الفصل: لقد أستحوذ موضوع التنمية المستدامة اهتمام العالم خلال 15 سنة المنصرمة وهذا على صعيد الساحة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية العالمية ،حيث أصبحت الاستدامة التنموية مدرسة فكرية عالمية تنتشر في معظم دول العالمي النامي والصناعي على حد سواء تتبناها هيئات شعبية ورسمية وتطالب بتطبيقها فعقدت من أجلها القمم والمؤتمرات والندوات.ورغم الانتشار السريع لمفهوم التنمية المستدامة منذ بداية ظهورها إلا أن هذا المفهوم مازال غامضا بوصفه مفهوما وفلسفة وعملية ،ومازال هذا المفهوم يفسر بطرق مختلفة من قبل الكثيرين ولذلك فقد تم التطرق في هذا الفصل إلى مبحثين رئيسيين:المبحث الأول: ماهية التنمية المستدامة;المبحث الثاني: محاور أساسية في التنمية المستدامة;المبحث الأول: ماهية التنمية المستدامةبدأ استخدام مصطلح التنمية المستدامة كثيرا في الأدب التنموي المعاصر وتعتبر الاستدامة نمط تنموي يمتاز بالعقلانية والرشد، وتتعامل مع النشاطات الاقتصادية التي ترمي للنمو من جهة ومع إجراءات المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية من جهة أخرى، وقد أصبح العالم اليوم على قناعة بأن التنمية المستدامة التي تقضي على قضايا التخ

عوامل قوة الدولة

ان لعوامل القوة المتاحة للدولة دور كبير في تحديد مكانتها على الساحة الدولية لكن قبل التعرض لهذه العوامل يجب علينا ان نعرج على بعض المفاهيم إن القوة ـ كما أوضحت تعريفاتها ـ ليست التأثير ، وإنما القدرة على التأثير . وتستند هذه القدرة على امتلاك الدولة إمكانيات (خصائص ، موارد ، قدرات ، مؤسسات) معينة تشكل مقومات القوة القومية Elements of National Power التى تمكنها من التأثير على سلوكيات الدول الأخرى فى الاتجاهات التى تحقق مصالحها، كالمساحة الجغرافية ، وعدد السكان ، والموارد الطبيعية ، والقدرات الإقتصادية ، والقوة العسكرية ، والبنية التكنولوجية ، والفعاليات الثقافية، والمؤسسات السياسية ، والحالة المعنوية للشعب ، وغيرها . لكن ، على الرغم من أن هذه الإمكانيات المتداخلة تشكل فى مجموعها عوامل القوة الشاملة لأى دولة ، فإن هناك اختلافات أساسية فيما بينها ، ترتبط باعتبارات عملية ، تتصل بالقدرة على استخدامها فى عملية التأثير ، خاصة خلال المواقف التى يتعرض في

المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية

المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية "تمثل مدرسة الواقعية السياسية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية ردة فعل أساسية على تيار المثالية. وهدفت الواقعية إلى دراسة وفهم سلوكيات الدول والعوامل المؤثرة في علاقاتها بعضها مع بعض. . . [لقد] جاءت الواقعية لتدرس وتحلل ما هو قائم في العلاقات الدولية, وتحديداً, سياسة القوة والحرب والنزاعات, ولم تهدف كما فعلت المثالية إلى تقديم . . . [مقترحات] وأفكار حول ما يجب أن تكون عليه العلاقات الدولية". "وقد حاول الواقعيون الحصول على أجوبة لأسئلة مازال يطرحها الأكاديميون والمهتمون بالشؤون الدولية منذ الستينات وحتى يومنا هذا. إذن هدفت الواقعية إلى تقديم نظرية سياسية لتحليل وفهم واستيعاب الظواهر الدولية". يرى مورغنثاو (وهوا من ابرز منظري الواقعية) بان السياسة الدولية تتميز (وتنفرد) "كفرع أكاديمي عن دراسة التاريخ والقانون الدولي والأحداث الجارية والإصلاح السياسي". أهم المسلمات الأساسية في الفكر الواقعي 1. "أن السياسة لا يمكن أن تحددها الأخلاق كما يقول المثاليون بل العكس هو الصحيح. وبالتالي فالمبادىء الأخلاقية لا يمكن تط