الاثنين, 17 مايو 2010 07:06 أ. عبد القادر سعيد عبيكشي
لم أكن لأكتب هذه الورقة لو لم أرى أن الأمر حقيقة تحول إلى إشكالية وجب الوقوف عند أبعادها وأسبابها، ذلك أن الظاهرة المعنية بالقول قد أصبحت تعرف اتساعا وفي نفس الوقت نعيشها من دون فهم لها، وعليه فإن تتبعها بالتحليل والنقد، قد يمنحنا جانبا من معالجتها بصورة مستعجلة وصحيحة في آن واحد.
إن الأصل في هذه الإشكالية قد لا يكون مهما للبعض، ولكن لمن سلك طريق العلم والبحث والمناقشة، يجد أنها مُهمة بل وبالغة الخطورة إن لم يتم تداركها، والتي يمكن صياغتها –الإشكالية- على النحو التالي: لقد أصبحت مناهج البحث العلمي لدى طلبتنا في الجامعة اليوم، عبارة عن درس كغيره من الدروس التي تلقن لهم، تحفظ وترد في الامتحانات السنوية، بمعنى أنهم غير مدركين ومستوعبين لأهميتها، ضف إلى ذلك عدم قدرتهم على توظيفها في بحوثهم التطبيقية التي تنجز في حصص الأعمال الموجهة أو الملتقيات أو الندوات العلمية، مما يعني أن المنهج العلمي لا يمثل بالنسبة لهم أي إضافة في حياتهم البحثية، بل هو عبء وجب إيجاد الحلول للتخلص منه، أو تمريره على الأستاذ.
وهو ما يعني أن الطالب اليوم في جامعاتنا – والحكم ليس بالتعميم- غير مدرك لأهمية مناهج البحث العلمي ودورها في ضبط البحث وتحديد أدواته واعتباره الطريق الموصل إلى نتائج علمية سليمة، وبالتالي فإن أي تلقين لهذه المناهج دون أن بتم ربطها بالأهمية العلمية والوظيفية في خطوات البحث، لا يمكن أن يؤدي إلى أي فائدة من تضمينها في مناهج أقسام العلوم الاجتماعية و الإنسانية.
إلا أن ما يراد من خلاله في هذه الورقة ليس القول أن الأستاذ لا يقدم أو أنه قاصر على تقديم درسه للمناهج، ولكننا نقول أن الحالة أصبحت معقدة أكثر من أن تحمل لأستاذ المنهجية لوحده، فالإشكالية المطروحة، تتداخل فيها جزئيات عديدة، نجد في آخرها أن الطالب هو نتيجتها السلبية، ولذلك فالتحليل المعني في هذه الورقة لا يوجه أي اتهام أو تقصير إلى أي أستاذ، بل نحاول فهم الحالة وتشخيص آليات الخروج منها.
فالمنهج أو المناهج البحثية هي قواعد متبعة ووسائل مستخدمة في السعي للوصول إلى الحقيقة، (1) أي أن المنهج هو مجموعة متراصة ومترابطة من الخطوات العلمية الواضحة والدقيقة التي يسلكها الباحث في المناقشة أو المعالجة للظواهر الاجتماعية أو السياسية أو الإعلامية أو غيرها(2).
ومن دون غوص في النظريات والأقوال المفسرة للمنهج وطبيعة خلفيته الفكرية وأن كل النتائج هي نتاج لطبيعة المنهج، وهذا الأمر يحتاج أيضا بحثا في أنواع المناهج المستخدمة في دراساتنا وجامعاتنا، إلا أن المنهجية البحثية بما لديها من مكونات متواصلة مترابطة فيما بينها، والتي ترتب على النحو التالي:
1. الإطار المفاهيمي أو المرجعي: أي مجموع المفاهيم الناظمة لطبيعة الموضوع المراد دراسته، من خلال توضيحها وتبيانها وحتى تبنيها من قبل الباحث.
2. تقنيات البحث ووسائله: وهي مجموع الخطوات العلمية التي يمر بها البحث من إشكاليات وتساؤلات وفرضيات و دراسة عينات وإجراء تجارب وتسجيل ملاحظات وبناء إقترابات وغيرها.
3. الخطوات المنطقية والإجرائية التي تتم بين العنصرين(3): أي حالة الربط بين العصرين السابقين من أجل القيام بجهد بحثي صحيح ومن أجل الوصول إلى نتائج متوافقة مع المنطلقات.
وبناء على هذه المراحل فالمناهج البحثية هي الخط الناظم والذي تبنى عليه أساسات هذه المنهجية إذا اعتبرنا أن المنهجية خطوات فنية أو إجرائية تعطي للبحث صورته العلمية باقترانها مع المنهج، إلا أن المتابع لطبيعة تعامل طلبة الجامعات (والحكم ليس بالتعميم) مع هذه المناهج يجد أن الأمر لا يرتبط أبدا بهذا التسلسل ولا بهذا الفهم، بل إن المناهج العلمية التي يستخدمها طلبتنا في إطار منهجيتهم البحثية، أصبحت لا تزيد لبحثهم أي توجيه أو ترابط منطقي بين مقدماتهم ونتائجهم، بل إن الأمر أصبح عبارة عن استئناس بها داخل البحث وفقط، فيشير لها الطالب على نحو أنني سأستعمل المنهج الوصفي أو المنهج التاريخي، أو منهج دراسة المضمون، أو قد يستعمل أكثر من منهج في الدراسة، ولكن في حقيقة الأمر تجد أن البحث لا يعكس بتاتا أسس المنهج المستعمل، بل إنك تبحث على المنهج المستعمل في الدراسة فلا تكاد تراه، وهو ما يعد انحرافا خطيرا في البحث العلمي بكل مراحله، فالطالب يبدي رغبة أو يعطي التزاما باستعمال منهج ما في البحث لكن نجد أن الأمر غير متطابق أو غير مطبق، فهو لا يملك المقدرة على ربط بحثه بصورة فعلية بخطوات المنهج، ولا يستطيع أن يبرر إستعمالته الخارجة عن المنهج المعين سلفا، أو الأسباب التي دفعته إلى تغيير منهجه البحثي مع تقدم البحث، لأن الحالة تفسر بكل بساطة على أن هناك غياب فهم واضح ودقيق للمناهج البحثية، وعدم قدرة على إمكانية تطبيقها إن لم نقل غياب تصور ذهني للطالب على أن هذه المناهج البحثية التي تدرس في حصص (المنهجية العلمية) أو (تقنيات البحث العلمي) ولا يمكن أن نطبقها كما تم أخذها، وأن أمر تلقينها لا يتجاوز رفع العتب من قبل معدي المناهج الأكاديمية.
وفي حقيقة الأمر مهما ذكرنا من أخطاء في تعامل الطلبة والباحثين مع المناهج البحثية فإن هذا لا ينسينا أن الحالة هذه نتاجها أمر واحد فقط، وهي الإهمال الذي يعاني منه البحث العلمي في بلداننا،وقد يقال كيف ذلك، لأن البحث لو كانت له قيمة فعلية واهتمام جاد، لما كان هناك بحوث تمرر في دراسات عليا لا تجد فيها أي ارتباط بين مقدمات ونتائج، أو بين الفصل ومباحثه أو بين الخطة والمضمون، أي أنه بإهمال كامل لمعاينة جدية ودقيقة للبحث العلمي طفت إلى الأعلى حالات عدم الاهتمام بمواد تدرس لا يمكن أن تكون لها أي قيمة أمام تدهور في نصوص بحثية أصحابها أبدعوا في كل شيء إلا في استعمال المنهج المؤدي إلى النتائج السليمة، ما دفع الكثير من الأساتذة وحتى الطلبة إلى عدم الاهتمام الجدي بهذه الأدوات العلمية والبحثية، ظنا من الجميع أن المناهج يكفي الاستئناس بها في صفحات المقدمة ولا نحتاجها في نهايات بحوثنا، بالإضافة إلى ربط المنهجية فقط بأساليب التوثيق العلمي واعتبارها هي المنهج والمنهجية وفقط.
وقد أضيف سبب آخر وهو التلقين النظري لهذه المناهج أو حتى للمنهجية البحثية، إذ أن الطالب لما يأخذ المنهج التاريخي ولا يطبق عليه بصورة سليمة وصحيحة وبإشراف الأستاذ المستوعب لهذه المناهج، فإن الفائدة المرجوة من تدريس هذه المناهج لا يمكن أن يتحقق، وهذا ما أثر بصورة مباشرة على استعمال المنهج العلمي أو البحثي في جامعاتنا.
إلا أن الخروج من عدم الاستيعاب والاستعمال لهذه المناهج البحثية ليس أمرا مستحيلا أو يحتاج إلى تنظير يطول ويعرض، بل إن الأمر يحتاج فقط إلى ربط للجانب النظري الذي يأخذه الطالب في حصص الأعمال الموجهة، وأن يتم تطبيقه بصورة علمية، وهنا يمكن أن يضاف إلى هذه التخصصات الاجتماعية والإنسانية حصصا وورشات تطبيقية أو حصص مخابر بحثية، يكون الغرض منها تكوين الطالب بصورة صحيحة في كيفية بناء الخطة البحثية والفرضية والسؤال والإشكالية واختيار المنهج ومن ثم آليات تطبيق المنهج الذي هو السبيل الموصل إلى نتائج تتوافق مع المقدمات أو تجيب على إشكالية البحث الرئيسية، أي أن الالتزام بالجانب النظري وبمحاضرات تلقى عن منهج دراسة الحالة، أو منهج تحليل المضمون دون أن يكون له فهم عملي أو تنزيل واقعي، فإن المشكلة ستزداد تفاقما أكثر مما مضى، وسيأتي اليوم الذي ستلغى فيه هذه (حصص المنهجية) بالأساس من مقررات جامعاتنا، لأن مناهج البحث العلمي حتى ذلك الوقت سيصبح يقال عنها أنه لم يعد لها أي أدوار تلعبها في تثمين البحث العلمي وترقيته وتطويره، بل هي روتين قد يكبل الباحث ولا يساعده، وهذا ما بدأت أسمعه وبكل صدق لدى كثير من الزملاء في ميادين عدة.
________________________________________
الهوامش:
1. محمد شلبي ، المنهجية في التحليل السياسي،ط1. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية ، 1997، ص 12
2. عامر مصباح، مهجية البحث في العلوم السياسية والإعلام،ط1.الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 2008،ص 13
3. محمد شلبي، المرجع السابق الذكر، ص 13
http://www.veecos.net/portal/index.php?option=com_content&view=article&id=3204:2010-05-17-07-09-11&catid=24:sceintific-articles&Itemid=21
المصدر / معهد المناهج
لم أكن لأكتب هذه الورقة لو لم أرى أن الأمر حقيقة تحول إلى إشكالية وجب الوقوف عند أبعادها وأسبابها، ذلك أن الظاهرة المعنية بالقول قد أصبحت تعرف اتساعا وفي نفس الوقت نعيشها من دون فهم لها، وعليه فإن تتبعها بالتحليل والنقد، قد يمنحنا جانبا من معالجتها بصورة مستعجلة وصحيحة في آن واحد.
إن الأصل في هذه الإشكالية قد لا يكون مهما للبعض، ولكن لمن سلك طريق العلم والبحث والمناقشة، يجد أنها مُهمة بل وبالغة الخطورة إن لم يتم تداركها، والتي يمكن صياغتها –الإشكالية- على النحو التالي: لقد أصبحت مناهج البحث العلمي لدى طلبتنا في الجامعة اليوم، عبارة عن درس كغيره من الدروس التي تلقن لهم، تحفظ وترد في الامتحانات السنوية، بمعنى أنهم غير مدركين ومستوعبين لأهميتها، ضف إلى ذلك عدم قدرتهم على توظيفها في بحوثهم التطبيقية التي تنجز في حصص الأعمال الموجهة أو الملتقيات أو الندوات العلمية، مما يعني أن المنهج العلمي لا يمثل بالنسبة لهم أي إضافة في حياتهم البحثية، بل هو عبء وجب إيجاد الحلول للتخلص منه، أو تمريره على الأستاذ.
وهو ما يعني أن الطالب اليوم في جامعاتنا – والحكم ليس بالتعميم- غير مدرك لأهمية مناهج البحث العلمي ودورها في ضبط البحث وتحديد أدواته واعتباره الطريق الموصل إلى نتائج علمية سليمة، وبالتالي فإن أي تلقين لهذه المناهج دون أن بتم ربطها بالأهمية العلمية والوظيفية في خطوات البحث، لا يمكن أن يؤدي إلى أي فائدة من تضمينها في مناهج أقسام العلوم الاجتماعية و الإنسانية.
إلا أن ما يراد من خلاله في هذه الورقة ليس القول أن الأستاذ لا يقدم أو أنه قاصر على تقديم درسه للمناهج، ولكننا نقول أن الحالة أصبحت معقدة أكثر من أن تحمل لأستاذ المنهجية لوحده، فالإشكالية المطروحة، تتداخل فيها جزئيات عديدة، نجد في آخرها أن الطالب هو نتيجتها السلبية، ولذلك فالتحليل المعني في هذه الورقة لا يوجه أي اتهام أو تقصير إلى أي أستاذ، بل نحاول فهم الحالة وتشخيص آليات الخروج منها.
فالمنهج أو المناهج البحثية هي قواعد متبعة ووسائل مستخدمة في السعي للوصول إلى الحقيقة، (1) أي أن المنهج هو مجموعة متراصة ومترابطة من الخطوات العلمية الواضحة والدقيقة التي يسلكها الباحث في المناقشة أو المعالجة للظواهر الاجتماعية أو السياسية أو الإعلامية أو غيرها(2).
ومن دون غوص في النظريات والأقوال المفسرة للمنهج وطبيعة خلفيته الفكرية وأن كل النتائج هي نتاج لطبيعة المنهج، وهذا الأمر يحتاج أيضا بحثا في أنواع المناهج المستخدمة في دراساتنا وجامعاتنا، إلا أن المنهجية البحثية بما لديها من مكونات متواصلة مترابطة فيما بينها، والتي ترتب على النحو التالي:
1. الإطار المفاهيمي أو المرجعي: أي مجموع المفاهيم الناظمة لطبيعة الموضوع المراد دراسته، من خلال توضيحها وتبيانها وحتى تبنيها من قبل الباحث.
2. تقنيات البحث ووسائله: وهي مجموع الخطوات العلمية التي يمر بها البحث من إشكاليات وتساؤلات وفرضيات و دراسة عينات وإجراء تجارب وتسجيل ملاحظات وبناء إقترابات وغيرها.
3. الخطوات المنطقية والإجرائية التي تتم بين العنصرين(3): أي حالة الربط بين العصرين السابقين من أجل القيام بجهد بحثي صحيح ومن أجل الوصول إلى نتائج متوافقة مع المنطلقات.
وبناء على هذه المراحل فالمناهج البحثية هي الخط الناظم والذي تبنى عليه أساسات هذه المنهجية إذا اعتبرنا أن المنهجية خطوات فنية أو إجرائية تعطي للبحث صورته العلمية باقترانها مع المنهج، إلا أن المتابع لطبيعة تعامل طلبة الجامعات (والحكم ليس بالتعميم) مع هذه المناهج يجد أن الأمر لا يرتبط أبدا بهذا التسلسل ولا بهذا الفهم، بل إن المناهج العلمية التي يستخدمها طلبتنا في إطار منهجيتهم البحثية، أصبحت لا تزيد لبحثهم أي توجيه أو ترابط منطقي بين مقدماتهم ونتائجهم، بل إن الأمر أصبح عبارة عن استئناس بها داخل البحث وفقط، فيشير لها الطالب على نحو أنني سأستعمل المنهج الوصفي أو المنهج التاريخي، أو منهج دراسة المضمون، أو قد يستعمل أكثر من منهج في الدراسة، ولكن في حقيقة الأمر تجد أن البحث لا يعكس بتاتا أسس المنهج المستعمل، بل إنك تبحث على المنهج المستعمل في الدراسة فلا تكاد تراه، وهو ما يعد انحرافا خطيرا في البحث العلمي بكل مراحله، فالطالب يبدي رغبة أو يعطي التزاما باستعمال منهج ما في البحث لكن نجد أن الأمر غير متطابق أو غير مطبق، فهو لا يملك المقدرة على ربط بحثه بصورة فعلية بخطوات المنهج، ولا يستطيع أن يبرر إستعمالته الخارجة عن المنهج المعين سلفا، أو الأسباب التي دفعته إلى تغيير منهجه البحثي مع تقدم البحث، لأن الحالة تفسر بكل بساطة على أن هناك غياب فهم واضح ودقيق للمناهج البحثية، وعدم قدرة على إمكانية تطبيقها إن لم نقل غياب تصور ذهني للطالب على أن هذه المناهج البحثية التي تدرس في حصص (المنهجية العلمية) أو (تقنيات البحث العلمي) ولا يمكن أن نطبقها كما تم أخذها، وأن أمر تلقينها لا يتجاوز رفع العتب من قبل معدي المناهج الأكاديمية.
وفي حقيقة الأمر مهما ذكرنا من أخطاء في تعامل الطلبة والباحثين مع المناهج البحثية فإن هذا لا ينسينا أن الحالة هذه نتاجها أمر واحد فقط، وهي الإهمال الذي يعاني منه البحث العلمي في بلداننا،وقد يقال كيف ذلك، لأن البحث لو كانت له قيمة فعلية واهتمام جاد، لما كان هناك بحوث تمرر في دراسات عليا لا تجد فيها أي ارتباط بين مقدمات ونتائج، أو بين الفصل ومباحثه أو بين الخطة والمضمون، أي أنه بإهمال كامل لمعاينة جدية ودقيقة للبحث العلمي طفت إلى الأعلى حالات عدم الاهتمام بمواد تدرس لا يمكن أن تكون لها أي قيمة أمام تدهور في نصوص بحثية أصحابها أبدعوا في كل شيء إلا في استعمال المنهج المؤدي إلى النتائج السليمة، ما دفع الكثير من الأساتذة وحتى الطلبة إلى عدم الاهتمام الجدي بهذه الأدوات العلمية والبحثية، ظنا من الجميع أن المناهج يكفي الاستئناس بها في صفحات المقدمة ولا نحتاجها في نهايات بحوثنا، بالإضافة إلى ربط المنهجية فقط بأساليب التوثيق العلمي واعتبارها هي المنهج والمنهجية وفقط.
وقد أضيف سبب آخر وهو التلقين النظري لهذه المناهج أو حتى للمنهجية البحثية، إذ أن الطالب لما يأخذ المنهج التاريخي ولا يطبق عليه بصورة سليمة وصحيحة وبإشراف الأستاذ المستوعب لهذه المناهج، فإن الفائدة المرجوة من تدريس هذه المناهج لا يمكن أن يتحقق، وهذا ما أثر بصورة مباشرة على استعمال المنهج العلمي أو البحثي في جامعاتنا.
إلا أن الخروج من عدم الاستيعاب والاستعمال لهذه المناهج البحثية ليس أمرا مستحيلا أو يحتاج إلى تنظير يطول ويعرض، بل إن الأمر يحتاج فقط إلى ربط للجانب النظري الذي يأخذه الطالب في حصص الأعمال الموجهة، وأن يتم تطبيقه بصورة علمية، وهنا يمكن أن يضاف إلى هذه التخصصات الاجتماعية والإنسانية حصصا وورشات تطبيقية أو حصص مخابر بحثية، يكون الغرض منها تكوين الطالب بصورة صحيحة في كيفية بناء الخطة البحثية والفرضية والسؤال والإشكالية واختيار المنهج ومن ثم آليات تطبيق المنهج الذي هو السبيل الموصل إلى نتائج تتوافق مع المقدمات أو تجيب على إشكالية البحث الرئيسية، أي أن الالتزام بالجانب النظري وبمحاضرات تلقى عن منهج دراسة الحالة، أو منهج تحليل المضمون دون أن يكون له فهم عملي أو تنزيل واقعي، فإن المشكلة ستزداد تفاقما أكثر مما مضى، وسيأتي اليوم الذي ستلغى فيه هذه (حصص المنهجية) بالأساس من مقررات جامعاتنا، لأن مناهج البحث العلمي حتى ذلك الوقت سيصبح يقال عنها أنه لم يعد لها أي أدوار تلعبها في تثمين البحث العلمي وترقيته وتطويره، بل هي روتين قد يكبل الباحث ولا يساعده، وهذا ما بدأت أسمعه وبكل صدق لدى كثير من الزملاء في ميادين عدة.
________________________________________
الهوامش:
1. محمد شلبي ، المنهجية في التحليل السياسي،ط1. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية ، 1997، ص 12
2. عامر مصباح، مهجية البحث في العلوم السياسية والإعلام،ط1.الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 2008،ص 13
3. محمد شلبي، المرجع السابق الذكر، ص 13
http://www.veecos.net/portal/index.php?option=com_content&view=article&id=3204:2010-05-17-07-09-11&catid=24:sceintific-articles&Itemid=21
المصدر / معهد المناهج
تعليقات
إرسال تعليق