كتبت بتاريخ ديسمبر 15, 2008 بواسطة hotaaf
شغلت الأسئلة الإجتماعية كثيراً من المهتمين بدراسة المجتمعات وكيفية تطويرها وتحسين أداءها
، فأفلاطون حين وضع تصوره للمدينة الفاضلة كان يسعى لمجتمع له سمات متميزة عن غيره
وإن كانت نظريته طوباوية إلى حد بعيد..
ولو عرجنا على تعريف التغير الإجتماعي سنجد أن له عدة تعريفات كعادة العلوم الإنسانية
التي يصعب على العلماء تحديد تعريف جامع مانع لها، فماكينوس يعرف التغير الإجتماعي
” بالتحول في تنظيم المجتمع وفي أنماط الفكر والسلوك عبر الزمن ” أما فارلي فيعرفه
” بأنه التبدل في أنماط السلوك والعلاقات الاجتماعية ” . هذا وتتضمن العلوم الاجتماعية
مفاهيماً تدل على التغير الاجتماعي كالتقدم والتطور والتجديد والتنمية وغيرها..
وللإجابة على السؤال الذي عنونا به المقال فسنجد أجوبة عديدة في جعبة العلماء والمفكرين
يصب غالبيتها في إبراز الناحيتين الفكرية والسلوكية لدى الشعوب
فالمفكر الجزائري مالك بن نبي (1905- 1973) بنى نظريته للتغير الاجتماعي الحضاري
على ثلاثة عوامل ، الأول : عالم الأفكار ويقصد به المعتقدات والتصورات والمبادئ التي تحتويها
عقول المجتمع ، الثاني : عالم الأشخاص : ويقصد به العلاقات والقوانين المنظمة لحياة الأشخاص ،
الثالث : عالم الأشيا الذي يعبر عنه كل ماانتجه المجتمع من عمران وصناعة وزراعة وشوارع وغيرها.
أما بأي عالم نبدأ فقد ضرب بن نبي مثالاً على ذلك بأن نتخيل معاً قوماً من الأمازون بعالمهم الفكري
المتواضع وقد تم نقلهم الى المانيا بينما نقل الشعب الالماني الى الامازون ماذا كان سيحدث حينها؟
بالطبع أن الالمان سيعمرون المناطق الامازونية او الافريقية بينما ستدمر المانيا ببنائها وحضارتها
على يد القبائل البدائية . اذاً يتضح لدينا أن عالم الافكار هو أس التغيير المنشود فالوحي حين رام التغيير
بدأ بعالم الافكار واختار كلمة “اقرأ” أي اقرأ الكون والحياة بفكر جديد وفعال…
هذا ماقاله مالك بن نبي عن التغيير أما أرنولد توينبي (1889- 1975) فقد جعل ثنائية التحدي والإستجابة
عنواناً للتغيير فبقدر مايستجيب المجتمع للتحدي الذي يواجهه بقدر مايندفع لتغيير ولكنه اشترط أن يكون هذا
التحدي تحديا خلاقاً يساعد المجتمع ويحفزه ويستفزه للتغيير مثل ماحصل لليابان وألمانيا بعد الحرب
العالمية الثانية ، ولايكون تحدياً ضعيفاً لايستفز المجتمع للتغيير مثل شعب نيوزيلندا حيث قلة السكان
ووفرة الموارد وسهولة الأرض فلم يتقدم سكان نيوزلندا الاصليين،
ولايكون تحدياً قاسياً ايضا يصعب على المجتمع مجابهته مثل شعب الأسكيمو وتحدي الثلوج المستمرة
فإنهم عجزوا عن ابداع أي شئ يتطورون به.
تعليقات
إرسال تعليق