التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الديمقراطية الاجتماعية: فكر يجمع الليبرالية السياسية مع العدالة الاجتماعية

الديمقراطية الاجتماعية: فكر يجمع الليبرالية السياسية مع العدالة الاجتماعية
مشكلة الليبرالية تتعلق دائما بالليبرالية الاقتصادية المتوحشة والتي تعني التحرر الكامل للاقتصاد وطغيان منطق السوق والربح على حساب العدالة الاجتماعية، ولذلك نشأ في الكثير من الدول الأوروبية وأميركا اللاتينية في نهاية القرن الماضي الفكر الجديد الذي يجمع ما بين الليبرالية السياسية واليسار الاجتماعي وهذا الفكر يسمى "الديمقراطية الاجتماعية Social Democracyحصلت الديمقراطية الاجتماعية على مصداقيتها من خلال مبادئ التنمية الإنسانية ومحاولة تعظيم المكاسب الحاصلة من الليبرالية السياسية وتخفيض الضرر الذي تتسبب به الليبرالية الاقتصادية من خلاللا دمج مفاهيم "العدالة الاجتماعية" مع الليبرالية السياسية. إنها محاولة جريئة اثبتت الكثير من النجاح في تعظيم مصداقية الليبرالية السياسية، واستعادة دور اليسار الديمقراطي في أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية وكبح جماح اللليبرالية الاقتصادية المتوحشة. مشكلة الليبرالية الاقتصادية أنها تريد أيقاف دور الدولة في المجتمع وتحويل الخدمات الصحية والتعليمية والتنموية المختلفة إلى القطاع الخاص ونظام السوق وهذا ما يشكل تناقضا تاما ومباشرا مع الديمقراطية ومع حقوق الإنسان ومع التنمية، ولهذا جاء الفكر الديمقراطي الاجتماعي ليحاول محاربة التغول الاقتصادي الليبرالي. الديمقراطية الاجتماعية تعتمد على الإصلاح التدريجي للنظام الاقتصادي بإدخال مفاهيم "دولة الرفاة الاجتماعي" والعدالة الاجتماعية ودمجها مع الليبرالية السياسية المعتمدة هلى الحريات وحقوق الإنسان وتنظيم الحرية الفردية ضمن أطار واضح من المصلحة الجماعية. وتقدم المؤسسة الدولية للإشتراكية تعريفا للديمقراطية الاجتماعية بأنها آلية سياسية تحقق نموذجا مثاليا من "الديمقراطية الليبرالية" يحل المشاكل الموجودة في الرأسمالية غير المقيدة. وتعتمد الديمقراطية الاجتماعية على هذه المجموعة من المبادئ:1- الحريات: وهذه غير مقتصرة على الحريات الفردية مثل النظام الليبرالي الكلاسيكي ولكن الحريات الجماعية مثل حقوق الإنسان ومكافحة التمييز والتخلص من سطوة أصحاب وسائل الإنتاج والنفوذ السياسي.2- المساواة والعدالة الاجتماعية: ولا يقتصر ذلك على المساواة أمام القانون بل أيضا العدالة والمساواة في التنمية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتساوي في الفرص المتاحة أمام الجميع بدون تمييز. 3- التضامن الاجتماعي وهذا يعني الوحدة والإحساس بالتعاطف مع ضحايا السياسات والممارسات غير العادلة ومحاولة تحقيق العدالة للجميع. 4- الديمقراطية وحقوق الإنسان: تتضمن الديمقراطية حقوقا وواجبات ولكن أهم هدف لها هو ضمان الحقوق المتساوية لكل المواطنين من مختلف الأصول والأعراق والأفكار السياسية وتمتع المواطنين بحق الاختيار ما بين نظريات وبدائل مختلفة ومتعددة.5- السلام عنصر أساسي للعيش المشترك ويجب أن يكون مبنيا على نظام سياسي واقتصادي دولي يحترم سيادة الدول والتحرر ومنع التسلح.ويمكن الإطلاع على المزيد من هذه المبادئ في الإعلان العالمي للديمقراطية الاجتماعية 1989 (باللغة الإنجليزية) http://www.socialistinternational.org/4Principles/dofpeng2.html من الواضح أن الديمقراطية الاجتماعية تمثل بديلا أكثر جاذبية لتحقيق الليبرالية السياسية والعدالة الاجتماعية معا، والحرص على المصالح الوطنية والوقوف في وجه الطغيان العسكري الأميركي الإسرائيلي الذي يسود العالم كما أن هذا النظام يحتفظ بكل المبادئ العظيمة لحقوق الإنسان. ومن المهم محاولة معرفة مدى تأثير هذا الفكر في الحياة السياسية العربية، وهذا ما يمكن الحديث عنه في مقال قادم.
تنبيه النص مقتطف من مقال له في الموقع التالي

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=73818

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحث عن التنمية المستدامة ( البحث منقول)

مقدمة الفصل: لقد أستحوذ موضوع التنمية المستدامة اهتمام العالم خلال 15 سنة المنصرمة وهذا على صعيد الساحة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية العالمية ،حيث أصبحت الاستدامة التنموية مدرسة فكرية عالمية تنتشر في معظم دول العالمي النامي والصناعي على حد سواء تتبناها هيئات شعبية ورسمية وتطالب بتطبيقها فعقدت من أجلها القمم والمؤتمرات والندوات.ورغم الانتشار السريع لمفهوم التنمية المستدامة منذ بداية ظهورها إلا أن هذا المفهوم مازال غامضا بوصفه مفهوما وفلسفة وعملية ،ومازال هذا المفهوم يفسر بطرق مختلفة من قبل الكثيرين ولذلك فقد تم التطرق في هذا الفصل إلى مبحثين رئيسيين:المبحث الأول: ماهية التنمية المستدامة;المبحث الثاني: محاور أساسية في التنمية المستدامة;المبحث الأول: ماهية التنمية المستدامةبدأ استخدام مصطلح التنمية المستدامة كثيرا في الأدب التنموي المعاصر وتعتبر الاستدامة نمط تنموي يمتاز بالعقلانية والرشد، وتتعامل مع النشاطات الاقتصادية التي ترمي للنمو من جهة ومع إجراءات المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية من جهة أخرى، وقد أصبح العالم اليوم على قناعة بأن التنمية المستدامة التي تقضي على قضايا التخ

عوامل قوة الدولة

ان لعوامل القوة المتاحة للدولة دور كبير في تحديد مكانتها على الساحة الدولية لكن قبل التعرض لهذه العوامل يجب علينا ان نعرج على بعض المفاهيم إن القوة ـ كما أوضحت تعريفاتها ـ ليست التأثير ، وإنما القدرة على التأثير . وتستند هذه القدرة على امتلاك الدولة إمكانيات (خصائص ، موارد ، قدرات ، مؤسسات) معينة تشكل مقومات القوة القومية Elements of National Power التى تمكنها من التأثير على سلوكيات الدول الأخرى فى الاتجاهات التى تحقق مصالحها، كالمساحة الجغرافية ، وعدد السكان ، والموارد الطبيعية ، والقدرات الإقتصادية ، والقوة العسكرية ، والبنية التكنولوجية ، والفعاليات الثقافية، والمؤسسات السياسية ، والحالة المعنوية للشعب ، وغيرها . لكن ، على الرغم من أن هذه الإمكانيات المتداخلة تشكل فى مجموعها عوامل القوة الشاملة لأى دولة ، فإن هناك اختلافات أساسية فيما بينها ، ترتبط باعتبارات عملية ، تتصل بالقدرة على استخدامها فى عملية التأثير ، خاصة خلال المواقف التى يتعرض في

المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية

المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية "تمثل مدرسة الواقعية السياسية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية ردة فعل أساسية على تيار المثالية. وهدفت الواقعية إلى دراسة وفهم سلوكيات الدول والعوامل المؤثرة في علاقاتها بعضها مع بعض. . . [لقد] جاءت الواقعية لتدرس وتحلل ما هو قائم في العلاقات الدولية, وتحديداً, سياسة القوة والحرب والنزاعات, ولم تهدف كما فعلت المثالية إلى تقديم . . . [مقترحات] وأفكار حول ما يجب أن تكون عليه العلاقات الدولية". "وقد حاول الواقعيون الحصول على أجوبة لأسئلة مازال يطرحها الأكاديميون والمهتمون بالشؤون الدولية منذ الستينات وحتى يومنا هذا. إذن هدفت الواقعية إلى تقديم نظرية سياسية لتحليل وفهم واستيعاب الظواهر الدولية". يرى مورغنثاو (وهوا من ابرز منظري الواقعية) بان السياسة الدولية تتميز (وتنفرد) "كفرع أكاديمي عن دراسة التاريخ والقانون الدولي والأحداث الجارية والإصلاح السياسي". أهم المسلمات الأساسية في الفكر الواقعي 1. "أن السياسة لا يمكن أن تحددها الأخلاق كما يقول المثاليون بل العكس هو الصحيح. وبالتالي فالمبادىء الأخلاقية لا يمكن تط