التخطي إلى المحتوى الرئيسي

علاقة الدين بالعلاقات الدولية


دراسة ظاهرة الارهاب الاسلامي وعلاقة الدين في العلاقات الدوليه

تيسير خروب  

كان اول صدام مباشر بين الاسلام والغرب المسيحي بصورة واضحة للعيان وقضيه بارزه في العلاقات الدوليه بين الدول جميعا هو نجاح الثوره الايرانيه(1978_1979م) حيث اصبحت قضية الاسلام وتحديه المفترض للغرب شاغلا دوليا مستمرا وهو هاجس شارك فيه ساسة الدول الغربيه وعدد من القيادات الاسلاميه التي عملت الاخيره على ايجاد قوه اسلاميه لفرض برنامج سياسي مستمد من الدين على مجتمعاتهم مع العلم ان معظم المسلمين في العالم ليسوا انصارا لهذه الحركات الاسلاميه ولا مع تطبيق برامجها0 فمنذ 14 قرن من التاريخ الاسلامي ومع تنوع التفسيرات المختلفه للدين الموجودة في عالم اليوم تبين ان التطبيق الصارم لمجموعة الشرائع والمباديء القديمه على الحياه السياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه ليس امرا مشتركا بين كل المسلمين 0
فعندما جاء التحدي الايراني من الجمهوريه الاسلاميه والتي تشغل مكانا استراتيجيا في غرب آسيا مع ثروتها البشريه المتزايده لتعلن هدفها في تصدير الثوره الى مناطق الجوار اولا واعلان حالة العداء التام لامريكا والغرب الاوروبي عندما بدأتها بأحتجاز الر هائن الامريكيين واتهامهم بالتجسس على ايران ومحاولة افشال نجاح الثوره الاسلاميه التي صورها قادة الثوره على انها مؤامره ضد الاسلام والمسلمين0 وعندما نشبت الحرب الايرانيه العراقيه (1980_1988م) وما رافقها من مناورات سياسيه وتداعيات فقد لفتت ايضا انظار امريكا والغرب الى منطقة الشرق الادنى لتشارك بهذا الصراع بعقد اتفاقيات مع طرف ضد الطرف الاخر 00وفي النهايه امداد كلا طرفي النزاع بالاسلحه والتكنولوجيا لتسعير حالة الحرب وتحقيق مكاسب باتجاهين:الاول تجارة الموت ( تجارة السلاح) عبر شركات غير حكوميه او وسطاء دول او اشخاص0 واتجاه آخر لمعرفة ورصد ما يحدث في المنطقه وما يمليه ذلك على سياسة الغرب تجاه منطقة الشرق الادنى0
وهناك راي آخر لتفسير ظاهرة العداء بين الاسلام والغرب وهو انتهاء الحرب البارده بين المعسكر الراسمالي الغربي والشيوعي قد استدعى خلق او بعث نزاع قديم والمفترض وجوده اصلا بين العالم الاسلامي والعالم المسيحي ليبقى العالم ضمن دائرة صارع لا ينتهي تكون الولايات المتحده الامريكيه العنصر الفاعل والمؤثر فيه0
فالحركات الاسلاميه ترفض قيم الغرب العلمانيه مثلما ترفض قيم الالحاد الشيوعيه وترفض الديمقراطيه الجديده لكلا المعسكرين وحكم القانون المدني والمساواه بين الرجل والمرأه وبين المسلمين وغير المسلمين مما جعلهم يعتنقون تعميمات عصريه عن الغرب والشرق غير المسلمين حتى انهم لم يفرقوا بين من يعادي الغرب كالهندوس مثلا الذين يلتزمون بصراع طويل مع الغرب لعقد تحالفات او صداقات لابراز اهدافهم والحركه بمرونه اكثر ومراجعة برامجهم في تحويل العالم كله الى الاسلام عن طريق الجهاد0
واولى التهم التي واجهت الاسلام منذ عقود هو انه يسوغ الارهاب ويشجع عليه من خلال ما تقوم به الجماعات الاسلاميه بتوجيه ضرباتها الى غير المسلمين خصوصا ضد امريكا والعالم الاوروبي من خلال اختطاف الرهائن والطائرات والقيام باعمال تفجيريه في الاسواق والشوارع العامه او الاغتيالات00اما للفت الانظار اليهم او لاعتبار ان هذه الاعمال ستؤدي بالنهايه الى فرض سيطرتهم وتحقيق مكاسب سياسيه وفرض الهيمنه للحصول على مطالبهم0 ليقودنا ذلك الى ان هناك اسلامين منفصلين كلا عن الاخر: هناك اسلام مسالم ومتسامح ومنفتح على العالم ومستعد للحوار والتعايش السلمي مع غير المسلمين00واسلام آخر اصولي متطرف ذو ميول نضاليه تدعو الى الجهاد وتصوير العالم على انه مؤمن وآخر كافر0 ودليلهم على ذلك من النصوص القرآنيه التي تحمل كلا التفسيرين او ان هناك تأويلات للنصوص القرآنيه حسب سياسة وايديولوجية الحركه واهدافها0
وبالنظر الى الماضي نجد انه ليست هناك علاقه تاريخيه بين السياسه والارهاب والهويه الاسلاميه وحين ظهر اصطلاح الارهاب بمعناه المعاصر لم يكن المسلمون هم اول من مارسه فهناك الكثير من الارهاب في العالم 00في ايرلندا الشماليه مثلا00فلم يكن العالم الاسلامي هو الذي نظم مذابح اليهود في محارق هتلر اثناء الحرب العالميه 2 ولا هو من طرد وشرد اليهود السيفارديم من اسبانيا0
ومفهوم الخطر الاسلامي والحديث عن النزاع عبر تاريخ طويل بين العالم الاسلامي والعالم المسيحي الغربي قد انتهى بأنتهاء الامبراطوريه العثمانيه الاسلاميه فمجموع قوى العالم الاسلامي اليوم تقل كثيرا عن الغرب وغير المسلمين00حتى لو افترضنا ان كل دول العالم الاسلامي شكلت تحالفا للعمل الموحد ضد الغرب وامتلكت دوله مسلمه سلاحا نوويا او دولتين فأن أي استخدام كهذا سيكون قليلا وغير مؤثر بالمقارنه بما يمكن لخصومه ان يلحقوه به0
فالاسلام لا يقدم شيئا عن الظروف التي ينبغي فيها معارضة الدوله والخروج على الحاكم00او تاييدها وما اذا كان ينبغي ان توجد دوله اسلاميه واحده (خلافه) او دول اسلاميه كثيره وما اذا كان على المسلمين ان يعتنقوا الحداثه او التقليد00ورغم ان الكثير من المعارضين للدوله الاسلاميه من غير المسلمين يرون ان الاسلام والحضاره الغربيه الديمقراطيه لا يمكن التوفيق بينهما وفي المقابل نجد في العالم الاسلامي نفسه من يؤيد هذا الطرح كالعربيه السعوديه التي يرى حكامها ان الحضاره الغربيه وما حققته من انجازات ومكاسب شيء جميل وجدير بالاحترام والتقدير لكنه لا يصلح للسعوديين0
وايران المسلمه تطرح الشعار نفسه وهم يصرون على ربط السياسه بالدين ورفض الديمقراطيه في بلدانهم لانها تفترض العلمانيه وتدعو الدوله الى ان تعمل وفقا لحكم القانون واحترام حقوق الفرد والتسامح الديني وتعددية الافكار والنظم السياسيه0
وللتاريخ والحق نقول ان مشكلة الدين والسياسه ليست خاصه بالعالم الاسلامي وحده دون سواه فكثير من النزعات القوميه الاوروبيه مثل الصوره الايرلنديه يحكمها الدين كذلك النزعات القوميه المسيحيه اليونانيه والصربيه والقبرصيه اليونانيه والروسيه والهندوسيه في الهند0
لكن بلدا مثل تركيا حكمت كخلافه اسلاميه لاكثر من 500سنه وبسطت عباءتها الدينيه على مساحات واسعه من العالم سواء في الشرق الادنى العربي او في دول اوروبيه اخرى استطاعت في سنوات قليله ان تفصل الدين عن الدوله وتصبح دوله علمانيه تسير على خطى العالم الاوروبي بكل اتجاهاته والسير نحو التحضر السريع والمنافسه على مراكز التعلم واجراء التغييرات الثقافيه والاجتماعيه والاقتصاديه للانظمام للاتحاد الاوروبي0
وفي الختام نستطيع القول ان العلاقات الدوليه بين العالم الاسلامي والعالم الغربي ستستمر بين مد وجزر حسب الظروف والاحداث الاقليميه المحركه للقوى العظمى والتدخل في شؤونها0 وستظل الحركات الاسلاميه متنوعه ومختلفه يحددها واقع دول بعينها وتتاثر بمصالح الدوله وستبقى اقرب الى التنازع فيما بينها كما هي في حالة ايران والعراق/ والجزائر والمغرب / وليبيا مصر من ان تتحد ضد الغرب ولا يمكن ان يكون هناك تحدي اسلامي كبير ضد الغرب لا لان الدول الاسلاميه اضعف كثيرا من الدول الغربيه فحسب بل لانها لا تمثل تحالفا اسلاميا متماسكا دوليا00وستظل معظم هذه الحركات الاسلاميه معنيه بما يجري داخل العالم الاسلامي والتنافس فيما بينها والصدام احيانا اكثر منها اهتماما بالعالم الخارجي والتركيز على التصريحات والبلاغات الخطابيه وابراز
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=30675  الشعارارت المعاديه للغرب واتهامه بالعداء للعالم الاسلامي .ن

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحث عن التنمية المستدامة ( البحث منقول)

مقدمة الفصل: لقد أستحوذ موضوع التنمية المستدامة اهتمام العالم خلال 15 سنة المنصرمة وهذا على صعيد الساحة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية العالمية ،حيث أصبحت الاستدامة التنموية مدرسة فكرية عالمية تنتشر في معظم دول العالمي النامي والصناعي على حد سواء تتبناها هيئات شعبية ورسمية وتطالب بتطبيقها فعقدت من أجلها القمم والمؤتمرات والندوات.ورغم الانتشار السريع لمفهوم التنمية المستدامة منذ بداية ظهورها إلا أن هذا المفهوم مازال غامضا بوصفه مفهوما وفلسفة وعملية ،ومازال هذا المفهوم يفسر بطرق مختلفة من قبل الكثيرين ولذلك فقد تم التطرق في هذا الفصل إلى مبحثين رئيسيين:المبحث الأول: ماهية التنمية المستدامة;المبحث الثاني: محاور أساسية في التنمية المستدامة;المبحث الأول: ماهية التنمية المستدامةبدأ استخدام مصطلح التنمية المستدامة كثيرا في الأدب التنموي المعاصر وتعتبر الاستدامة نمط تنموي يمتاز بالعقلانية والرشد، وتتعامل مع النشاطات الاقتصادية التي ترمي للنمو من جهة ومع إجراءات المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية من جهة أخرى، وقد أصبح العالم اليوم على قناعة بأن التنمية المستدامة التي تقضي على قضايا التخ

عوامل قوة الدولة

ان لعوامل القوة المتاحة للدولة دور كبير في تحديد مكانتها على الساحة الدولية لكن قبل التعرض لهذه العوامل يجب علينا ان نعرج على بعض المفاهيم إن القوة ـ كما أوضحت تعريفاتها ـ ليست التأثير ، وإنما القدرة على التأثير . وتستند هذه القدرة على امتلاك الدولة إمكانيات (خصائص ، موارد ، قدرات ، مؤسسات) معينة تشكل مقومات القوة القومية Elements of National Power التى تمكنها من التأثير على سلوكيات الدول الأخرى فى الاتجاهات التى تحقق مصالحها، كالمساحة الجغرافية ، وعدد السكان ، والموارد الطبيعية ، والقدرات الإقتصادية ، والقوة العسكرية ، والبنية التكنولوجية ، والفعاليات الثقافية، والمؤسسات السياسية ، والحالة المعنوية للشعب ، وغيرها . لكن ، على الرغم من أن هذه الإمكانيات المتداخلة تشكل فى مجموعها عوامل القوة الشاملة لأى دولة ، فإن هناك اختلافات أساسية فيما بينها ، ترتبط باعتبارات عملية ، تتصل بالقدرة على استخدامها فى عملية التأثير ، خاصة خلال المواقف التى يتعرض في

المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية

المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية "تمثل مدرسة الواقعية السياسية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية ردة فعل أساسية على تيار المثالية. وهدفت الواقعية إلى دراسة وفهم سلوكيات الدول والعوامل المؤثرة في علاقاتها بعضها مع بعض. . . [لقد] جاءت الواقعية لتدرس وتحلل ما هو قائم في العلاقات الدولية, وتحديداً, سياسة القوة والحرب والنزاعات, ولم تهدف كما فعلت المثالية إلى تقديم . . . [مقترحات] وأفكار حول ما يجب أن تكون عليه العلاقات الدولية". "وقد حاول الواقعيون الحصول على أجوبة لأسئلة مازال يطرحها الأكاديميون والمهتمون بالشؤون الدولية منذ الستينات وحتى يومنا هذا. إذن هدفت الواقعية إلى تقديم نظرية سياسية لتحليل وفهم واستيعاب الظواهر الدولية". يرى مورغنثاو (وهوا من ابرز منظري الواقعية) بان السياسة الدولية تتميز (وتنفرد) "كفرع أكاديمي عن دراسة التاريخ والقانون الدولي والأحداث الجارية والإصلاح السياسي". أهم المسلمات الأساسية في الفكر الواقعي 1. "أن السياسة لا يمكن أن تحددها الأخلاق كما يقول المثاليون بل العكس هو الصحيح. وبالتالي فالمبادىء الأخلاقية لا يمكن تط