أ.د. محمد سعد أبو عامود
أستاذ العلوم السياسية, جامعة حلوأن
بداية يمكننا أن نشير الي أن دول الخليج العربية واستناد الي ماسبق وأن أشرنا اليه في القسم الأول من هذه الدراسة حول مراحل التحول الديموقراطي يمكننا القول بأن هذه الدول تنقسم الي مجموعتين الأولي تقع في نطاق المرحلة الأولي وهي مرحلة التحضير أو التأسيس للتحول الديموقراطي وتشمل السعودية والامارات وقطر والثأنية تقع في نطاق المرحلة الثانية وهي مرحلة بناء النظام الديموقراطي وإن اختلفت من حيث المراحل التي قطعتها في هذا المجال وتضم هذه المجموعة الكويت والبحرين أما سلطنة عمان فيمكن القول بأنها تقع في منزلة بين المنزلتين فرغم أنها قد تجاوزت مرحلة التأسيس للتحول الديموقراطي إلا أن خطواتها في نطاق بناء النظام الديموقراطي لازالت تخطو ببطء وتدرج وإن كانت أبرز هذه الخطوات هي بناء المؤسسات السياسية وخاصة السلطة التشريعية التي يتم تشكيلها بالانتخاب المباشر والتي لها حق التشريع والرقابة. وبالتالي سنعرض لأهم مظاهر التحول الديموقراطي لكل من المجموعتين:
أولا- الدول التي في مرحلة التأسيس للتحول الديموقراطي:
شهدت هذه الدول اتخاذ العديد من الاجراءات التي يمكن النظر اليها علي أنها تمثل خطوات تأسيسية لعملية التحول الديموقراطي ومنها البدء في التطبيق الجزئي لنظام الانتخابات لاختيار أعضاء المجالس البلدية كما حدث في السعودية أو المجالس النيابية كما حدث في الامارات أما قطر فقد شهدت انتخابات للمجلس البلدي، والملاحظ أن هذه المجالس تمر بمرحلة من التفعيل والتنشيط من حيث الأداء وذلك بالرغم من غلبة أعداد الأعضاء المعينيين علي الأعضاء المنتخبين، حيث اتجهت الي التوسع في مناقشة أوضاع الخدمات المقدمة من الحكومة والكشف عن أوجه القصور فيها والمطالبة باتخاذ الاجراءات الأزمة لتحسين أداء أجهزة الخدمات كما أن المناقشات التي تتم في نطاق هذه المجالس بدأت تشهد مطالبات بمساءلة المسئولين عن أوجه القصور التي يتم الكشف عنها وهي أمور لم تكن معهودة في مناقشات هذه المجالس من قبل.
من الأمور التي يمكن رصدها في هذا السياق إصدار بعض القوانين الأساسية اي المتعلقة بالتنظيم السياسي في هذه الدول، فقد صدر الدستور القطري وتم اقرار الدستور المؤقت لدولة الامارات باعتباره الدستور الدائم للدولة، هذا بالاضافة الي قيام العاهل السعودي باصدار القانون الخاص باختيار ولي العهد وانشاء مجلس البيعة الذي يتولي هذه المهمة البالغة الأهمية في نطاق النظام السعودي، هذه القوانين الأساسية تمثل بنظرنا خطوة هامة علي طريق بناء المؤسسات السياسية اللازمة لأي عملية سياسية باتجاه التحول الديموقراطي حقيقة أن بعض هذه المؤسسات قد تكون بعيدة عن المؤسسات الديمواقراطية المعروفة إلا أنها تأتي في نطاق احتياجات هذه النظم وتعبر عن توجه يفضل الاطار المؤسسي ولو جزئيا علي الاطار التقليدي الذي يستند الي الشخصانية الكاملة.
كما صدرت في هذه الدول العديد من القوانين المنظمة لعمل الأجهزة والمؤسسات الحكومية بها وهي خطوة أخري علي طريق بناء المؤسسات ذات الوظائف المتمايزة واللازمة لبناء نظام سياسي حديث.
وبالرغم من أوجه الاتفاق في الخطوات المشار اليها بين الدول الثلاث التي في مرحلة التأسيس للتحول الديموقراطي إلا أن الملاحظة المدققة لما تشهده الحياة السياسية بهذه الدول من تطورات توضح أن لكل منها بعض الخصائص التي تختلف بدرجة أو بأخري فيما بينها، ويرجع ذلك الي اختلاف الظروف الموضوعية المحيطة بالعملية السياسية في كل مجتمع من مجتمعاتها، ومن ثم يمكننا أن نشير الي الاهتمام الكبير الذي توليه دولة الامارات لتحديث وتطوير اجهزة الادارة الحكومية بالدولة بما يحقق التميز في أداء هذه الأجهزة وفقا للمعايير العالمية، بل أن هناك بعض نماذج إماراتية اكتسبت أهمية كبيرة علي المستوي العالمي باعتبارها تقدم خبرة ومعايير يمكن الاستناد اليها لتطوير الأجهزة الادارية الحكومية في الدول الأخري وابرزها نموذج حكومة دبي ونموذج حكومة راس الخيمة، وقد يرد علي ذلك بأن مثل هذا التطوير يرتبط بالعمليات الادارية الحكومية ولا علاقة له بالجوانب السياسية التي تمثل محور عملية التحول الديموقراطي، والرد علي هذا يتلخص في أن أنشطة أجهزة الادارة الحكومية بأبعادها وجوانبها المختلفة لها اصولها السياسية ولها آثارها السياسية خاصة وأنها تمثل أحد الجوانب التي يمكن قياسها للتعرف علي كفاءة أداء النظم السياسية وهو ما توضحه التقارير العالمية الدورية المعنية بهذا الشأن.
كما يمكننا القول بأن الامارات ركزت علي بناء نموذج للتنمية الاقتصادية يقوم علي الأندماج التام في الاقتصاد العالمي مستفيدة في ذلك من ثرواتها النفطية ومن موقعها الاستراتيجي الذي نجحت الي حد كبير في توظيفه ليكون مركزا لصناعة الخدمات الاقتصادية اللازمة والمطلوبة لحركة التجارة الدولية، وذلك علي أساس أن هذا النموذج الاقتصادي اضافة الي النموذج الاداري الحكومي المتميز يساعدان علي تحول متدرج يبني من خلال الاستجابة للتطورات الطبيعية الناتجة عن النتائج التي يتم تحقيقها من خلال نموذج التنمية الادارية والاقتصادية الذي تتبناه، ورغم وجاهة هذه الفكرة واستنادها الي الخبرة السياسية المعاصرة لنماذج التنمية في آسيا الا أن هناك آراء تنتقد هذا النموذج باعتباره يقوم علي الاقتصاد الريعي والعقد الاجتماعي الذي يتولد عنه والذي يقوم علي تنازل المواطنين عن قدر كبير من حقوقهم السياسية مقابل التزام الدولة بتوفير مستوي معين من الرفاهية المعيشية، والواقع أن هذه الانتقادات توضع علي محك الأختبار العملي بعد الأزمة المالية العالمية القائمة الآن والتي الحقت أضرارا بالغة بتجربة التنمية الاماراتية نظرا لشدة أندماجها في الاقتصاد العالمي، وهو الأمر الذي يثير التساؤل حول مدي امكأنية استمرار المعادلة السياسية القائمة في ظل الأوضاع الجديدة المترتبة علي هذه الأزمة وهي معادلة قد تكون مختلفة الي حد ما مع معادلة العقد الاجتماعي الريعية، وكذلك يثور التساؤل حول مدي امكانية نجاح الامارات في ادارة الأزمة بما يحافظ علي ما تم تحقيقه وبما يؤدي الي تحقيق الرؤية التي تبنتها للتحديث والتنمية الشاملة والتي تشمل الجانب السياسي اضافة الي الجوانب الأخري.
وفيما يتعلق بقطر، فالملاحظ أن الحكومة القطرية تولي عناية خاصة بالتنمية الاقتصادية المعتمدة علي ثرواتها الغازية والنفطية والتي تتيح لها امكانية الاندماج في الاقتصاد العالمي، كما أن السلطات القطرية أبدت اهتماما واضحا بالتعليم باعتباره المدخل الملائم للتحديث بصفة عامة بما في ذلك التحديث السياسي، هذا بالاضافة الي أن هناك نوعا من أنواع التركيز علي ما يمكن أن نسميه بالتثقيف الديموقراطي وذلك من خلال تنظيم عقد المؤتمرات والندوات والفعاليات المعنية بالديموقراطية في الدوحة والتي عادة ما يشارك فيها أعداد كبيرة من صفوة المفكرين والباحثين والمثقفين العرب والأجانب المهتمين بالديموقراطية وقضاياها، ولكن لا يمكن التعرف علي أثر مثل هذه الفعاليات علي المستوي المجتمعي، خاصة وأن مثل هذه الفعاليات تقتصر علي النخبة المثقفة كما أن خطابها السياسي قد لا يتلاءم مع قدرات واهتممات المواطن العادي الذي يفترض أن يوجه اليه هذا الخطاب في هذه المرحلة التي يمكن أن يتم خلالها غرس بذور الثقافة الديموقراطية، ولكن علي أية حال هناك أفكار وأطروحات تطرح وتقدم من خلال هذه العملية وتنتقل الي المواطن العادي من خلال وسائل الاعلام أو من خلال قادة الرأي وهي في مجملها تقدم خطابا سياسياجديدا ومختلفا عن الخطابات السياسية الأخري التقليدية المعروفة في المجتمعات العربية والاسلامية.
من ناحية أخري يثور التساؤل حول مدي امكأنية تأثير النتائج المترتبة علي الأزمة المالية العالمية علي مرحلة التأسيس للتحول الديموقراطي في هذا البلد، فهل ستدفع نحو إيقاع أسرع لإنجاز هذه المرحلة أم أنها ستوجهها في الاتجاه المعاكس؟
فيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية يمكننا القول بأن المملكة شهدت تطورات هامة تؤسس لمرحلة جديدة من مراحل تطور النظام السياسي السعودي ويمكننا أن نشير الي أهم الملامح العامة لهذه التطورات بايجاز علي النحو التالي:
أ- التغير في الخطاب السياسي السعودي والذي يتضح من خلال تحليل خطابات العاهل السعودي في السنتين الأخيرتين علي الأقل حيث تسود هذا الخطاب دعوة مباشرة للقوي السعودية المختلفة للمشاركة في عملية التنمية وادارة شئون المجتمع والدولة السعودية.
ب- التحول نحو نموزج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة والتي تشمل سائر أقاليم المملكة مع التركيز علي تلبية المطالب الرئيسية للمواطنين خاصة في مجالات الاسكان والصحة والتعليم وغيرها من الخدمات المرتبطة بالبنية الأساسية وتحسين مستوي الخدمات المقدمة للمواطنين.
ج- تفعيل مجلس الشوري وهو مجلس معين وتوسيع نطاق اختصاصاته بالتدريج سواء في مجال التشريع أو الرقابة وهو الأمر الذي توضحه أعمال المجلس في الفترة الأخيرة حيث ناقش عددا من مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة وأعد تقارير عنها ورفعها اليها، كما أن الأعضاء وجهوا عددا من الأسئلة لعدد من الوزراء وقام الوزراء بالمثول أمام المجلس للاجابة عليها.
د- تفعيل جهاز المحاسبة ونشر الملاحظات التي يقدمها بشأن الأداء المالي والاداري للأجهزة الحكومية وظهور الدعوة لمساءلة المقصرين في أداء اعمالهم.
و- التغييرات الأخيرة التي قام العاهل السعودي باجرائها والتي شملت الحكومة بتعيين أربعة وزراء جدد وإعادة تشكيل مجلس الشوري ودخول واحد وثمانين عضوا جديدا معظمهم من الحاصلين علي مؤهلات جامعية عالية من الجامعات الأمريكية والأوروبية، وقد فاق عدد الأعضاء الجدد عدد الأعضاء الذين احتفظوا بمقاعدهم والبالغ عددهم تسعة وستين عضوا، وهو ما يعني أن كفة الأعضاء الجدد الكمية تفوق كفة الأعضاء القدامي كما عين رئيسا جديدا لمجلس الشوري وتمت إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء لتضم ممثلين عن كافة المذاهب السنية وهو الأمر الذي أثار استياء أبناء وعلماء المذهب الشيعي، وشملت التعديلات تعيين رئيس جديد لهيئة كبار العلماء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا بالاضافة الي تعيين رئيس جديد للمجلس الأعلي للقضاء والبدء في تطوير وتحديث الأجهزة القضائية وتعيين أول سيدة في منصب حكومي رفيع وهو منصب نائب وزير التعليم لشئون البنات، هذه التغييرات وأن كان بعض المحلليين يرون أنها لا تمثل شيئا هاما في مجال التأسيس لعملية التحول والتطور في النظام السعودي باعتبارهم إياها تغييرات شكلية، الا أننا نري أن هذه التغييرات لها قدر ملائم من الأهمية خلال هذه المرحلة حيث أنها تؤشر لتحول في الرؤية السياسية للنظام السعودي بصدد أسلوب الحكم وإدارة شئون الدولة والمجتمع السعودي وبأن ما كأن صالحا خلال مراحل سابقة لم يعد كذلك في ظل الأوضاع القائمة، كما أن هذه التغييرات تؤذن بدخول جيل جديد من السعوديين الي مواقع المسئولية وهو جيل يختلف في ثقافته وتكوينه وتعليمه ورؤاه عن الجيل السابق وهو أقرب بصفة عامة الي هذا العصر ومن ثم تزداد برأينا الأهمية النسبية لهذ التغييرات في سياق مرحلة التطور التي يمر بها النظام السياسي السعودي.
ع- اتساع دور الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية. فلقد أصدرت تقريرين منذ بدء تشكيلها عام2004 وصدر تقريرها الثاني في شهر مارس2009 وتضمن إحدي وثلاثين توصية حول التجاوزات التي تم رصدها ودعت الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بالتجاوزات التي تم رصدها للاخذ بهذه التوصيات، كما اقترحت أنشاء هيئة رقابية عليا لمتابعة مشروعات الدولة وتحديث أنظمة الهيئات الرقابية، وتضمن التقرير دعوة صريحة لكفالة وضمأن احترام حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة.
والواقع أن هناك العديد من المظاهر التي يشهدها المجتمع السعودي والتي يمكن أن تكون بمثابة مؤشرات للتأسيس لمرحلة جديدة من مراحل تطوير النظام السياسي السعودي باتجاه اقرب الي الديموقراطية مقارنة بالمراحل السابقة، ويربط بعض المحللين ما يحدث بشخصية العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز ومن ثم يشككون في فرص الاستمرار بالنسبة لعملية التحول في المملكة السعودية اذا ما تغيرت الظروف، والرأي عندنا أنه بالرغم من إقرارنا بأهمية دور القيادة السياسية السعودية في هذا الشأن الا أنه لا يجب أن نتجاهل أن هذه التغييرات التي تحدث هي تغييرات تتطلبها الظروف والتطورات التي شهدها المجتمع السعودي والتحولات الاقليمية والعالميةالقائمة والتي لا يمكن لأي مسئول أن يتجاهل الآثار المترتبة عليها سياسيا، وهذا ما دفع بالعاهل السعودي للمبادرة باتخاذ العديد من الاجراءات التي تصب في مسار التأسيس لعملية التحول وتوفر في ذات الوقت مستوي التوازن السياسي اللازم لها.
ثانيا- مظاهر التحول الديموقراطي في دول الخليج العربية التي في مرحلة بناء النظام الديموقراطي:
تشترك الكويت والبحرين وهما الدولتان اللتان يمكن تصنيفهما بأنهما قد دخلتا مرحلة بناء النظام الديموقراطي في عدة أمور أولها البدء المبكر للتجربة الديموقراطية وإن توفرت فرصة الاستمرار بقدر اطول زمنيا للتجربة الكويتية التي بدأت مع حصول الكويت علي استقلالها وصدور الدستور في مطلع الستينيات من القرن العشرين والذي اشتمل علي وجود برلمان منتخب يتولي القيام بمهام التشريع والرقابة علي أعمال الحكومة وقد استمرت التجربة البرلمانية منذ ذ لك الوقت وحتي الآن وإن تخللتها فترتان للحل غير الدستوري نتيجة تفاقم الخلافات بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية خلال عقدي الثمنينيات والتسعينيات من القرن الماضي، اما التجربة البحرينية فقد بدأت بعد استقلال البحرين وصدور دستور عام1973 والذي تضمن اقامة برلمان منتخب له سلطة التشريع والرقابة وبالفعل أجريت الانتخابات النيابية الأولي وتشكل البرلمان البحريني إلا أنه لم يقدر له الاستمرار لأسباب عديدة بعضها يرجع لظروف اقليمية فتم تعليق الحياة البرلمانية عام1975 واستمر هذا الوضع حتي عام1993 حيث تم تشكيل مجلس الشوري وهو مجلس معين الأمر الذي عارضته القوي السياسية المعارضة في ذلك الوقت وقد عادت
الحياة النيابية بعد إقرار ميثاق العمل الوطني المعبر عن المشروع الاصلاحي الذي طرحه العاهل البحريني وصدور الدستور الجديد واجراء الانتخابات البرلمانية عام2002 وأن كانت بعض قوي المعارضة قاطعت هذه الانتخابات احتجاجا علي ما تراه أنتقاصا من حقوق واختصاصات المجلس المنتخب لصالح المجلس المعين المستحدث في الدستور الجديد هذا بالاضافة الي العديد من الأسباب الأخري التي ساقتها لتبرير قرار المقاطعة، وعلي أية حال لم تؤد هذه المقاطعة الي تعطيل البرلمان الذي أكمل مدته القانونية وأجريت انتخابات نيابية عام2006 شاركت فيها معظم القوي السياسية بما فيها القوي التي قاطعت الانتخابات السابقة.
أما الجانب الثاني المشترك بين التجربتين فيتمثل في أن كليهما قد استكمل وضع الأطر الدستورية والقأنونية المنظمة للممارسة السياسية الديموقراطية، كما أنهما يشتركان في كونهما نظما ملكية تكون سلطة الحكم فيها وراثية في نطاق الأسرة الحاكمة وتأخذان في نفس الوقت بالاسس الديموقراطية للممارسة السياسية الأمر الذي كان له تأثيره علي الممارسة السياسية وتطور النظام السياسي بالبلدين.
أن كانت هذه أبرز جوانب الاتفاق بين التجربتين الكويتية والبحرينية فثمة أوجه أخري تميز كلا منهما ويمكننا أن نوضح ذلك بايجاز علي النحو التالي:
بالنسبة للكويت: فقد شهدت العديد من التطورات خلال السنوات الخمس الأخيرة وخاصة مع تولي الشيخ صباح الأحمد أمير البلاد الحالي مهام الحكم حيث حالت الظروف الصحية لولي العهد السابق الشيخ سعد السالم الصباح أن يمارس مهام الحكم بالرغم من اعلانه أميرا علي البلاد بعد وفاة الأمير السابق الأمر الذي أوجد مشكلة دستورية تم حلها من خلال البرلمان ووفقا للقواعد التي حددها الدستور، ومن ثم كان تولي الأمير الحالي أمور الحكم من خلال مشاركة البرلمان ووفقا لأحكام الدستور وهو حدث ديموقراطي لافت للانتباه وأن كان قد جاء في ظل ظرف استثنائي يصعب تصور تكراره إلا أنه في ذات الوقت يحمل في طياته العديد من الدلالات أبرزها أن الاحتكام الي الآليات الديموقراطية يكون مفيدا ولازما خاصة في أوقات الأزمات السياسية الحرجة.
من ناحية اخري ازدادت حدة المواجهة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة الأمر الذي أدي الي استقالة الحكومة خمس مرات وحل مجلس الأمة حلا دستوريا ثلاث مرات علي مدي ثلاث سنوات، الأمر الذي كانت له آثاره السلبية علي مشروعات التنمية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، والملاحظ أن النواب قد ركزوا جهدهم علي الدور الرقابي خلال هذه المرحلة كما أنهم اتجهوا الي عرقلة تمرير العديد من التشريعات التي يرون أنها موجهة لتحقيق مصالح فئات معينة دون مراعاة مصالح فئات أخري ويقدم دور الانعقاد الأخير لمجلس الأمة الكويتي نموذجا واضحا في هذا الشأن إذ وجه النواب ثلاثة استجوابات لرئيس الوزراء وأصروا في تصريحاتهم الاعلامية ومداخلاتهم داخل المجلس علي ضرورة صعوده المنصة للاستجواب بشكل استفزازي ملحوظ، ويبرر النواب ذلك بضعف الحكومة وعدم تقديمها لبرامج وسياسات مدروسة لعلاج المشكلات والتحديات التي تواجه الكويت، الا أن تحليل الخطاب السياسي للنواب ولبعض القوي السياسية الكويتية يوضح أن ثمة رؤي جديدة بصدد نظام الحكم والقواعد المنظمة للممارسة السياسية في الكويت بدأت في التشكل وتدور هذه الرؤي حول ضرورة السماح باقامة الاحزاب السياسية والتي تجري الانتخابات بين مرشحيها علي أن يكلف الحزب الفائز في الانتخابات بتشكيل الحكومة ويعني ذلك إحداث تغيير كبير في نظام الحكم الكويتي خاصة فيما يتعلق بالمناصب الحكومية الهامة كرئيس الوزراء وبعض الوزارات السيادية التي جري العرف السياسي الكويتي علي أن يتولاها أشخاص من الأسرة الحاكمة، وهو الأمر الذي رد عليه أمير البلاد بتكليف ولي العهد بتشكيل الوزارة الجديدة لاغيا بذلك الفصل بين المنصبين الذي قام به أمير البلاد السابق استجابة لمطالب النواب.
من ناحية اخري يمكننا أن نشير الي ازدياد قوة القوي السياسية الاسلامية وتراجع القوي الليبرالية وهو الأمر الذي كأن له تأثيره علي مسار العملية السياسية في الكويت من حيث اتجاهها نحو الاستقطابات الحادة البعيدة عن المرونة التي تعد من المتطلبات اللازمة للممارسة الديموقراطية.
وأن كان لنا أن نشخص الحالة الكويتية الراهنة فأننا نستطيع القول بأن هناك بعض القوي السياسية في الكويت تري أن الاطر والقواعد التي بني علي أساسها النظام الديموقراطي في الكويت تحتاج الي تعديل وتطوير جذري يتوافق مع المتغيرات الجديدة التي شهدها المجتمع الكويتي وظروف العصر، في حين ترفض قوي سياسية أخري هذه الرؤية وتري أن الاطر والقواعد القائمة كافية للمتطلبات الكويتية القائمة كما أنها تتيح امكأنية التكيف والاستجابة للمستجدات، والواقع أن مثل هذا الوضع الذي تشهده الكويت ليس غريبا وإنما تشهده معظم النظم التي دخلت مرحلة بناء النظام الديموقراطي عند وصولها الي نقطة مفصلية معينة في عملية بناء هذا النظام، ويكون الأسلوب المتبع في التعامل مع مثل هذه الحالة مؤثرا في تطور عملية استكمال بناء النظام الديموقراطي والانتقال الي المرحلة التالية وهي مرحلة ترسيخ هذا النظام.
بالنسبة لمملكة البحرين: يمكننا أن نشير الي التطورات التالية في سياق مرحلة بناء النظام الديموقراطي:
أ- استيعاب القوي السياسية الرئيسية في اطار النظام السياسي وهو ما بدا واضحا في قبول الجمعيات البحرينية المعنية بالشأن السياسي بتوفيق أوضاعها بعد صدور قانون الجمعيات السياسية عام2005، هذا بالاضافة الي مشاركة الجمعيات السياسية التي قاطعت انتخابات2002 في انتخابات2006 وحصول المعارضة علي ثمانية عشر مقعدا في البرلمان الحالي.
ب- اتساع نطاق أنشطة قوي المجتمع المدني وشمولها لكافة المجالات وبروز مبادرات هامة لها في عدد من القضايا العامة.
ت- بروز اتجاه قوي للالتزام بأساليب العمل السياسي البعيدة عن العنف في ادارة الخلافات السياسية والسعي للوصول الي توافق مع النظام بشأن القضايا الملحة ذات الاهتمام العام وذلك بالرغم من لجوء بعض الاطراف الي استخدام العنف.
ث- اتساع نطاق الدور الرقابي لمجلس النواب وهو الأمر الذي يؤكده ازدياد عدد لجان التحقيق البرلمانية وتعاون الحكومة معها نسبيا ذلك لأن بعض اللجان قد اشتكت من عدم تقديم بعض الأجهزة للمعلومات المطلوبة واللازمة لعملها الأمر الذي تطلب تدخل رئيس الوزراء لحث هذه الجهات وتوجيهها بتقديم المعلومات المطلوبة، كما برز الدور الرقابي في مناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة لعامي2009 و2010 الذي تمت مناقشته بحرفية ومهنية عالية من جانب اللجنة المعنية ومن جانب الأعضاء الذين أصروا علي أن تتضمن إعانة غلاء المعيشة واصلاح المساكن الآيلة للسقوط الأمر الذي وجدت الحكومة صعوبة في الاستجابة له في اطار قانون الموازنة العامة للدولة والملاحظ أن الطرفين قد سعيا الي الوصول الي صيغة توافقية حول هذا الموضوع وهو أمر يعكس مستوي مرتفعا للنضج السياسي للممارسة وعندما تعذر الوصول الي ذلك التوافق كان تدخل العاهل البحريني الحاسم للموضوع محل الخلاف.
ج- سعي النظام السياسي البحريني الي تطوير الأجهزة والمؤسسات الادارية الحكومية وتحسين مستوي الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين بقدر الامكان وأن كان هذا لا يعني الرضاء الكامل للمواطنين علي هذه الخدمات الا أن الاستجابة الرسمية علي حالات عدم الرضا تدور في الأغلب الأعم حول السعي الي علاج أوجه الخلل أو علي الاقل الوعد بحلها.
ح- اتساع نطاق الاهتمام باحترام حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة والتزام الدولة الرسمي أمام المنظمات الدولية باحترام تعهداتها الدولية في هذا المجال.
خ- خضوع الأجهزة الحكومية لرقابة ديوان الرقابة المالية والتزامها بعلاج الملاحظات التي يقدمها بالنسبة لأعمالها هذا بالاضافة الي التزامها بتوفيق أوضاعها وفقا للقواعد القانونية والفنية التي يحددها الديوان.
وبالرغم من التطورات الهامة التي شهدتها مملكة البحرين علي صعيد بناء النظام الديموقراطي الا أن هناك بعض التحديات التي تواجه هذه العملية، من أبرزها ازدياد قوي الاسلام السياسي السنية والشيعية علي السواء وتراجع القوي الليبرالية الأمر الذي ادي الي ازدياد حدة الاستقطاب الطائفي علي الصعيد السياسي وهو الأمر الذي يسعي النظام الي معالجته حفاظا علي الوحدة الوطنية، كما أن لجوء بعض الاجنحة السياسية الي استخدام اساليب العنف يمثل تحديا خطيرا لعملية بناء النظام الديموقراطي خاصة وأنه يتعارض مع جوهر هذا النظام، هذا بالاضافة الي الارتفاع المستمر لسقف مطالب المعارضة التي تريد اتخاذ بعض الاجراءات التي يري بعض المحللين أن الظروف غير مهيأة لها وأنها بمثابة حرق للمراحل، كما أن بعض قوي المعارضة تكونت خبرتها السياسية في مراحل سابقة علي المشروع الاصلاحي ومن ثم يتعاملون مع الواقع السياسي القائم من خلال رؤي قد لا تتلاءم مع متطلبات المرحلة الحالية الأمر الذي ينتج عنه العديد من المشكلات، كما أن عملية بناء النظام الديموقراطي تتطلب تغييرا في ثقافة المجتمع وفي الاطار الفكري للممارسة السياسية وتنمية لمهارات العمل السياسي وهو ما قد يتطلب قدرا من الوقت، ولكن الملاحظ أن هناك ادراكا واضحا من جانب النظام البحريني والقوي السياسية البحرينية المختلفة لهذه التحديات وهناك العديد من الافكار المطروحة علي الساحة السياسية للتعامل مع هذه التحديات.
المراجع:
(1) اعتمدنا في رصد مظاهر التطور نحو التحول الديموقراطي في دول الخليج العربية علي بنك المعلومات الخاص بهذه الدول في مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة.
أستاذ العلوم السياسية, جامعة حلوأن
بداية يمكننا أن نشير الي أن دول الخليج العربية واستناد الي ماسبق وأن أشرنا اليه في القسم الأول من هذه الدراسة حول مراحل التحول الديموقراطي يمكننا القول بأن هذه الدول تنقسم الي مجموعتين الأولي تقع في نطاق المرحلة الأولي وهي مرحلة التحضير أو التأسيس للتحول الديموقراطي وتشمل السعودية والامارات وقطر والثأنية تقع في نطاق المرحلة الثانية وهي مرحلة بناء النظام الديموقراطي وإن اختلفت من حيث المراحل التي قطعتها في هذا المجال وتضم هذه المجموعة الكويت والبحرين أما سلطنة عمان فيمكن القول بأنها تقع في منزلة بين المنزلتين فرغم أنها قد تجاوزت مرحلة التأسيس للتحول الديموقراطي إلا أن خطواتها في نطاق بناء النظام الديموقراطي لازالت تخطو ببطء وتدرج وإن كانت أبرز هذه الخطوات هي بناء المؤسسات السياسية وخاصة السلطة التشريعية التي يتم تشكيلها بالانتخاب المباشر والتي لها حق التشريع والرقابة. وبالتالي سنعرض لأهم مظاهر التحول الديموقراطي لكل من المجموعتين:
أولا- الدول التي في مرحلة التأسيس للتحول الديموقراطي:
شهدت هذه الدول اتخاذ العديد من الاجراءات التي يمكن النظر اليها علي أنها تمثل خطوات تأسيسية لعملية التحول الديموقراطي ومنها البدء في التطبيق الجزئي لنظام الانتخابات لاختيار أعضاء المجالس البلدية كما حدث في السعودية أو المجالس النيابية كما حدث في الامارات أما قطر فقد شهدت انتخابات للمجلس البلدي، والملاحظ أن هذه المجالس تمر بمرحلة من التفعيل والتنشيط من حيث الأداء وذلك بالرغم من غلبة أعداد الأعضاء المعينيين علي الأعضاء المنتخبين، حيث اتجهت الي التوسع في مناقشة أوضاع الخدمات المقدمة من الحكومة والكشف عن أوجه القصور فيها والمطالبة باتخاذ الاجراءات الأزمة لتحسين أداء أجهزة الخدمات كما أن المناقشات التي تتم في نطاق هذه المجالس بدأت تشهد مطالبات بمساءلة المسئولين عن أوجه القصور التي يتم الكشف عنها وهي أمور لم تكن معهودة في مناقشات هذه المجالس من قبل.
من الأمور التي يمكن رصدها في هذا السياق إصدار بعض القوانين الأساسية اي المتعلقة بالتنظيم السياسي في هذه الدول، فقد صدر الدستور القطري وتم اقرار الدستور المؤقت لدولة الامارات باعتباره الدستور الدائم للدولة، هذا بالاضافة الي قيام العاهل السعودي باصدار القانون الخاص باختيار ولي العهد وانشاء مجلس البيعة الذي يتولي هذه المهمة البالغة الأهمية في نطاق النظام السعودي، هذه القوانين الأساسية تمثل بنظرنا خطوة هامة علي طريق بناء المؤسسات السياسية اللازمة لأي عملية سياسية باتجاه التحول الديموقراطي حقيقة أن بعض هذه المؤسسات قد تكون بعيدة عن المؤسسات الديمواقراطية المعروفة إلا أنها تأتي في نطاق احتياجات هذه النظم وتعبر عن توجه يفضل الاطار المؤسسي ولو جزئيا علي الاطار التقليدي الذي يستند الي الشخصانية الكاملة.
كما صدرت في هذه الدول العديد من القوانين المنظمة لعمل الأجهزة والمؤسسات الحكومية بها وهي خطوة أخري علي طريق بناء المؤسسات ذات الوظائف المتمايزة واللازمة لبناء نظام سياسي حديث.
وبالرغم من أوجه الاتفاق في الخطوات المشار اليها بين الدول الثلاث التي في مرحلة التأسيس للتحول الديموقراطي إلا أن الملاحظة المدققة لما تشهده الحياة السياسية بهذه الدول من تطورات توضح أن لكل منها بعض الخصائص التي تختلف بدرجة أو بأخري فيما بينها، ويرجع ذلك الي اختلاف الظروف الموضوعية المحيطة بالعملية السياسية في كل مجتمع من مجتمعاتها، ومن ثم يمكننا أن نشير الي الاهتمام الكبير الذي توليه دولة الامارات لتحديث وتطوير اجهزة الادارة الحكومية بالدولة بما يحقق التميز في أداء هذه الأجهزة وفقا للمعايير العالمية، بل أن هناك بعض نماذج إماراتية اكتسبت أهمية كبيرة علي المستوي العالمي باعتبارها تقدم خبرة ومعايير يمكن الاستناد اليها لتطوير الأجهزة الادارية الحكومية في الدول الأخري وابرزها نموذج حكومة دبي ونموذج حكومة راس الخيمة، وقد يرد علي ذلك بأن مثل هذا التطوير يرتبط بالعمليات الادارية الحكومية ولا علاقة له بالجوانب السياسية التي تمثل محور عملية التحول الديموقراطي، والرد علي هذا يتلخص في أن أنشطة أجهزة الادارة الحكومية بأبعادها وجوانبها المختلفة لها اصولها السياسية ولها آثارها السياسية خاصة وأنها تمثل أحد الجوانب التي يمكن قياسها للتعرف علي كفاءة أداء النظم السياسية وهو ما توضحه التقارير العالمية الدورية المعنية بهذا الشأن.
كما يمكننا القول بأن الامارات ركزت علي بناء نموذج للتنمية الاقتصادية يقوم علي الأندماج التام في الاقتصاد العالمي مستفيدة في ذلك من ثرواتها النفطية ومن موقعها الاستراتيجي الذي نجحت الي حد كبير في توظيفه ليكون مركزا لصناعة الخدمات الاقتصادية اللازمة والمطلوبة لحركة التجارة الدولية، وذلك علي أساس أن هذا النموذج الاقتصادي اضافة الي النموذج الاداري الحكومي المتميز يساعدان علي تحول متدرج يبني من خلال الاستجابة للتطورات الطبيعية الناتجة عن النتائج التي يتم تحقيقها من خلال نموذج التنمية الادارية والاقتصادية الذي تتبناه، ورغم وجاهة هذه الفكرة واستنادها الي الخبرة السياسية المعاصرة لنماذج التنمية في آسيا الا أن هناك آراء تنتقد هذا النموذج باعتباره يقوم علي الاقتصاد الريعي والعقد الاجتماعي الذي يتولد عنه والذي يقوم علي تنازل المواطنين عن قدر كبير من حقوقهم السياسية مقابل التزام الدولة بتوفير مستوي معين من الرفاهية المعيشية، والواقع أن هذه الانتقادات توضع علي محك الأختبار العملي بعد الأزمة المالية العالمية القائمة الآن والتي الحقت أضرارا بالغة بتجربة التنمية الاماراتية نظرا لشدة أندماجها في الاقتصاد العالمي، وهو الأمر الذي يثير التساؤل حول مدي امكأنية استمرار المعادلة السياسية القائمة في ظل الأوضاع الجديدة المترتبة علي هذه الأزمة وهي معادلة قد تكون مختلفة الي حد ما مع معادلة العقد الاجتماعي الريعية، وكذلك يثور التساؤل حول مدي امكانية نجاح الامارات في ادارة الأزمة بما يحافظ علي ما تم تحقيقه وبما يؤدي الي تحقيق الرؤية التي تبنتها للتحديث والتنمية الشاملة والتي تشمل الجانب السياسي اضافة الي الجوانب الأخري.
وفيما يتعلق بقطر، فالملاحظ أن الحكومة القطرية تولي عناية خاصة بالتنمية الاقتصادية المعتمدة علي ثرواتها الغازية والنفطية والتي تتيح لها امكانية الاندماج في الاقتصاد العالمي، كما أن السلطات القطرية أبدت اهتماما واضحا بالتعليم باعتباره المدخل الملائم للتحديث بصفة عامة بما في ذلك التحديث السياسي، هذا بالاضافة الي أن هناك نوعا من أنواع التركيز علي ما يمكن أن نسميه بالتثقيف الديموقراطي وذلك من خلال تنظيم عقد المؤتمرات والندوات والفعاليات المعنية بالديموقراطية في الدوحة والتي عادة ما يشارك فيها أعداد كبيرة من صفوة المفكرين والباحثين والمثقفين العرب والأجانب المهتمين بالديموقراطية وقضاياها، ولكن لا يمكن التعرف علي أثر مثل هذه الفعاليات علي المستوي المجتمعي، خاصة وأن مثل هذه الفعاليات تقتصر علي النخبة المثقفة كما أن خطابها السياسي قد لا يتلاءم مع قدرات واهتممات المواطن العادي الذي يفترض أن يوجه اليه هذا الخطاب في هذه المرحلة التي يمكن أن يتم خلالها غرس بذور الثقافة الديموقراطية، ولكن علي أية حال هناك أفكار وأطروحات تطرح وتقدم من خلال هذه العملية وتنتقل الي المواطن العادي من خلال وسائل الاعلام أو من خلال قادة الرأي وهي في مجملها تقدم خطابا سياسياجديدا ومختلفا عن الخطابات السياسية الأخري التقليدية المعروفة في المجتمعات العربية والاسلامية.
من ناحية أخري يثور التساؤل حول مدي امكأنية تأثير النتائج المترتبة علي الأزمة المالية العالمية علي مرحلة التأسيس للتحول الديموقراطي في هذا البلد، فهل ستدفع نحو إيقاع أسرع لإنجاز هذه المرحلة أم أنها ستوجهها في الاتجاه المعاكس؟
فيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية يمكننا القول بأن المملكة شهدت تطورات هامة تؤسس لمرحلة جديدة من مراحل تطور النظام السياسي السعودي ويمكننا أن نشير الي أهم الملامح العامة لهذه التطورات بايجاز علي النحو التالي:
أ- التغير في الخطاب السياسي السعودي والذي يتضح من خلال تحليل خطابات العاهل السعودي في السنتين الأخيرتين علي الأقل حيث تسود هذا الخطاب دعوة مباشرة للقوي السعودية المختلفة للمشاركة في عملية التنمية وادارة شئون المجتمع والدولة السعودية.
ب- التحول نحو نموزج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة والتي تشمل سائر أقاليم المملكة مع التركيز علي تلبية المطالب الرئيسية للمواطنين خاصة في مجالات الاسكان والصحة والتعليم وغيرها من الخدمات المرتبطة بالبنية الأساسية وتحسين مستوي الخدمات المقدمة للمواطنين.
ج- تفعيل مجلس الشوري وهو مجلس معين وتوسيع نطاق اختصاصاته بالتدريج سواء في مجال التشريع أو الرقابة وهو الأمر الذي توضحه أعمال المجلس في الفترة الأخيرة حيث ناقش عددا من مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة وأعد تقارير عنها ورفعها اليها، كما أن الأعضاء وجهوا عددا من الأسئلة لعدد من الوزراء وقام الوزراء بالمثول أمام المجلس للاجابة عليها.
د- تفعيل جهاز المحاسبة ونشر الملاحظات التي يقدمها بشأن الأداء المالي والاداري للأجهزة الحكومية وظهور الدعوة لمساءلة المقصرين في أداء اعمالهم.
و- التغييرات الأخيرة التي قام العاهل السعودي باجرائها والتي شملت الحكومة بتعيين أربعة وزراء جدد وإعادة تشكيل مجلس الشوري ودخول واحد وثمانين عضوا جديدا معظمهم من الحاصلين علي مؤهلات جامعية عالية من الجامعات الأمريكية والأوروبية، وقد فاق عدد الأعضاء الجدد عدد الأعضاء الذين احتفظوا بمقاعدهم والبالغ عددهم تسعة وستين عضوا، وهو ما يعني أن كفة الأعضاء الجدد الكمية تفوق كفة الأعضاء القدامي كما عين رئيسا جديدا لمجلس الشوري وتمت إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء لتضم ممثلين عن كافة المذاهب السنية وهو الأمر الذي أثار استياء أبناء وعلماء المذهب الشيعي، وشملت التعديلات تعيين رئيس جديد لهيئة كبار العلماء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا بالاضافة الي تعيين رئيس جديد للمجلس الأعلي للقضاء والبدء في تطوير وتحديث الأجهزة القضائية وتعيين أول سيدة في منصب حكومي رفيع وهو منصب نائب وزير التعليم لشئون البنات، هذه التغييرات وأن كان بعض المحلليين يرون أنها لا تمثل شيئا هاما في مجال التأسيس لعملية التحول والتطور في النظام السعودي باعتبارهم إياها تغييرات شكلية، الا أننا نري أن هذه التغييرات لها قدر ملائم من الأهمية خلال هذه المرحلة حيث أنها تؤشر لتحول في الرؤية السياسية للنظام السعودي بصدد أسلوب الحكم وإدارة شئون الدولة والمجتمع السعودي وبأن ما كأن صالحا خلال مراحل سابقة لم يعد كذلك في ظل الأوضاع القائمة، كما أن هذه التغييرات تؤذن بدخول جيل جديد من السعوديين الي مواقع المسئولية وهو جيل يختلف في ثقافته وتكوينه وتعليمه ورؤاه عن الجيل السابق وهو أقرب بصفة عامة الي هذا العصر ومن ثم تزداد برأينا الأهمية النسبية لهذ التغييرات في سياق مرحلة التطور التي يمر بها النظام السياسي السعودي.
ع- اتساع دور الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية. فلقد أصدرت تقريرين منذ بدء تشكيلها عام2004 وصدر تقريرها الثاني في شهر مارس2009 وتضمن إحدي وثلاثين توصية حول التجاوزات التي تم رصدها ودعت الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بالتجاوزات التي تم رصدها للاخذ بهذه التوصيات، كما اقترحت أنشاء هيئة رقابية عليا لمتابعة مشروعات الدولة وتحديث أنظمة الهيئات الرقابية، وتضمن التقرير دعوة صريحة لكفالة وضمأن احترام حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة.
والواقع أن هناك العديد من المظاهر التي يشهدها المجتمع السعودي والتي يمكن أن تكون بمثابة مؤشرات للتأسيس لمرحلة جديدة من مراحل تطوير النظام السياسي السعودي باتجاه اقرب الي الديموقراطية مقارنة بالمراحل السابقة، ويربط بعض المحللين ما يحدث بشخصية العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز ومن ثم يشككون في فرص الاستمرار بالنسبة لعملية التحول في المملكة السعودية اذا ما تغيرت الظروف، والرأي عندنا أنه بالرغم من إقرارنا بأهمية دور القيادة السياسية السعودية في هذا الشأن الا أنه لا يجب أن نتجاهل أن هذه التغييرات التي تحدث هي تغييرات تتطلبها الظروف والتطورات التي شهدها المجتمع السعودي والتحولات الاقليمية والعالميةالقائمة والتي لا يمكن لأي مسئول أن يتجاهل الآثار المترتبة عليها سياسيا، وهذا ما دفع بالعاهل السعودي للمبادرة باتخاذ العديد من الاجراءات التي تصب في مسار التأسيس لعملية التحول وتوفر في ذات الوقت مستوي التوازن السياسي اللازم لها.
ثانيا- مظاهر التحول الديموقراطي في دول الخليج العربية التي في مرحلة بناء النظام الديموقراطي:
تشترك الكويت والبحرين وهما الدولتان اللتان يمكن تصنيفهما بأنهما قد دخلتا مرحلة بناء النظام الديموقراطي في عدة أمور أولها البدء المبكر للتجربة الديموقراطية وإن توفرت فرصة الاستمرار بقدر اطول زمنيا للتجربة الكويتية التي بدأت مع حصول الكويت علي استقلالها وصدور الدستور في مطلع الستينيات من القرن العشرين والذي اشتمل علي وجود برلمان منتخب يتولي القيام بمهام التشريع والرقابة علي أعمال الحكومة وقد استمرت التجربة البرلمانية منذ ذ لك الوقت وحتي الآن وإن تخللتها فترتان للحل غير الدستوري نتيجة تفاقم الخلافات بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية خلال عقدي الثمنينيات والتسعينيات من القرن الماضي، اما التجربة البحرينية فقد بدأت بعد استقلال البحرين وصدور دستور عام1973 والذي تضمن اقامة برلمان منتخب له سلطة التشريع والرقابة وبالفعل أجريت الانتخابات النيابية الأولي وتشكل البرلمان البحريني إلا أنه لم يقدر له الاستمرار لأسباب عديدة بعضها يرجع لظروف اقليمية فتم تعليق الحياة البرلمانية عام1975 واستمر هذا الوضع حتي عام1993 حيث تم تشكيل مجلس الشوري وهو مجلس معين الأمر الذي عارضته القوي السياسية المعارضة في ذلك الوقت وقد عادت
الحياة النيابية بعد إقرار ميثاق العمل الوطني المعبر عن المشروع الاصلاحي الذي طرحه العاهل البحريني وصدور الدستور الجديد واجراء الانتخابات البرلمانية عام2002 وأن كانت بعض قوي المعارضة قاطعت هذه الانتخابات احتجاجا علي ما تراه أنتقاصا من حقوق واختصاصات المجلس المنتخب لصالح المجلس المعين المستحدث في الدستور الجديد هذا بالاضافة الي العديد من الأسباب الأخري التي ساقتها لتبرير قرار المقاطعة، وعلي أية حال لم تؤد هذه المقاطعة الي تعطيل البرلمان الذي أكمل مدته القانونية وأجريت انتخابات نيابية عام2006 شاركت فيها معظم القوي السياسية بما فيها القوي التي قاطعت الانتخابات السابقة.
أما الجانب الثاني المشترك بين التجربتين فيتمثل في أن كليهما قد استكمل وضع الأطر الدستورية والقأنونية المنظمة للممارسة السياسية الديموقراطية، كما أنهما يشتركان في كونهما نظما ملكية تكون سلطة الحكم فيها وراثية في نطاق الأسرة الحاكمة وتأخذان في نفس الوقت بالاسس الديموقراطية للممارسة السياسية الأمر الذي كان له تأثيره علي الممارسة السياسية وتطور النظام السياسي بالبلدين.
أن كانت هذه أبرز جوانب الاتفاق بين التجربتين الكويتية والبحرينية فثمة أوجه أخري تميز كلا منهما ويمكننا أن نوضح ذلك بايجاز علي النحو التالي:
بالنسبة للكويت: فقد شهدت العديد من التطورات خلال السنوات الخمس الأخيرة وخاصة مع تولي الشيخ صباح الأحمد أمير البلاد الحالي مهام الحكم حيث حالت الظروف الصحية لولي العهد السابق الشيخ سعد السالم الصباح أن يمارس مهام الحكم بالرغم من اعلانه أميرا علي البلاد بعد وفاة الأمير السابق الأمر الذي أوجد مشكلة دستورية تم حلها من خلال البرلمان ووفقا للقواعد التي حددها الدستور، ومن ثم كان تولي الأمير الحالي أمور الحكم من خلال مشاركة البرلمان ووفقا لأحكام الدستور وهو حدث ديموقراطي لافت للانتباه وأن كان قد جاء في ظل ظرف استثنائي يصعب تصور تكراره إلا أنه في ذات الوقت يحمل في طياته العديد من الدلالات أبرزها أن الاحتكام الي الآليات الديموقراطية يكون مفيدا ولازما خاصة في أوقات الأزمات السياسية الحرجة.
من ناحية اخري ازدادت حدة المواجهة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة الأمر الذي أدي الي استقالة الحكومة خمس مرات وحل مجلس الأمة حلا دستوريا ثلاث مرات علي مدي ثلاث سنوات، الأمر الذي كانت له آثاره السلبية علي مشروعات التنمية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، والملاحظ أن النواب قد ركزوا جهدهم علي الدور الرقابي خلال هذه المرحلة كما أنهم اتجهوا الي عرقلة تمرير العديد من التشريعات التي يرون أنها موجهة لتحقيق مصالح فئات معينة دون مراعاة مصالح فئات أخري ويقدم دور الانعقاد الأخير لمجلس الأمة الكويتي نموذجا واضحا في هذا الشأن إذ وجه النواب ثلاثة استجوابات لرئيس الوزراء وأصروا في تصريحاتهم الاعلامية ومداخلاتهم داخل المجلس علي ضرورة صعوده المنصة للاستجواب بشكل استفزازي ملحوظ، ويبرر النواب ذلك بضعف الحكومة وعدم تقديمها لبرامج وسياسات مدروسة لعلاج المشكلات والتحديات التي تواجه الكويت، الا أن تحليل الخطاب السياسي للنواب ولبعض القوي السياسية الكويتية يوضح أن ثمة رؤي جديدة بصدد نظام الحكم والقواعد المنظمة للممارسة السياسية في الكويت بدأت في التشكل وتدور هذه الرؤي حول ضرورة السماح باقامة الاحزاب السياسية والتي تجري الانتخابات بين مرشحيها علي أن يكلف الحزب الفائز في الانتخابات بتشكيل الحكومة ويعني ذلك إحداث تغيير كبير في نظام الحكم الكويتي خاصة فيما يتعلق بالمناصب الحكومية الهامة كرئيس الوزراء وبعض الوزارات السيادية التي جري العرف السياسي الكويتي علي أن يتولاها أشخاص من الأسرة الحاكمة، وهو الأمر الذي رد عليه أمير البلاد بتكليف ولي العهد بتشكيل الوزارة الجديدة لاغيا بذلك الفصل بين المنصبين الذي قام به أمير البلاد السابق استجابة لمطالب النواب.
من ناحية اخري يمكننا أن نشير الي ازدياد قوة القوي السياسية الاسلامية وتراجع القوي الليبرالية وهو الأمر الذي كأن له تأثيره علي مسار العملية السياسية في الكويت من حيث اتجاهها نحو الاستقطابات الحادة البعيدة عن المرونة التي تعد من المتطلبات اللازمة للممارسة الديموقراطية.
وأن كان لنا أن نشخص الحالة الكويتية الراهنة فأننا نستطيع القول بأن هناك بعض القوي السياسية في الكويت تري أن الاطر والقواعد التي بني علي أساسها النظام الديموقراطي في الكويت تحتاج الي تعديل وتطوير جذري يتوافق مع المتغيرات الجديدة التي شهدها المجتمع الكويتي وظروف العصر، في حين ترفض قوي سياسية أخري هذه الرؤية وتري أن الاطر والقواعد القائمة كافية للمتطلبات الكويتية القائمة كما أنها تتيح امكأنية التكيف والاستجابة للمستجدات، والواقع أن مثل هذا الوضع الذي تشهده الكويت ليس غريبا وإنما تشهده معظم النظم التي دخلت مرحلة بناء النظام الديموقراطي عند وصولها الي نقطة مفصلية معينة في عملية بناء هذا النظام، ويكون الأسلوب المتبع في التعامل مع مثل هذه الحالة مؤثرا في تطور عملية استكمال بناء النظام الديموقراطي والانتقال الي المرحلة التالية وهي مرحلة ترسيخ هذا النظام.
بالنسبة لمملكة البحرين: يمكننا أن نشير الي التطورات التالية في سياق مرحلة بناء النظام الديموقراطي:
أ- استيعاب القوي السياسية الرئيسية في اطار النظام السياسي وهو ما بدا واضحا في قبول الجمعيات البحرينية المعنية بالشأن السياسي بتوفيق أوضاعها بعد صدور قانون الجمعيات السياسية عام2005، هذا بالاضافة الي مشاركة الجمعيات السياسية التي قاطعت انتخابات2002 في انتخابات2006 وحصول المعارضة علي ثمانية عشر مقعدا في البرلمان الحالي.
ب- اتساع نطاق أنشطة قوي المجتمع المدني وشمولها لكافة المجالات وبروز مبادرات هامة لها في عدد من القضايا العامة.
ت- بروز اتجاه قوي للالتزام بأساليب العمل السياسي البعيدة عن العنف في ادارة الخلافات السياسية والسعي للوصول الي توافق مع النظام بشأن القضايا الملحة ذات الاهتمام العام وذلك بالرغم من لجوء بعض الاطراف الي استخدام العنف.
ث- اتساع نطاق الدور الرقابي لمجلس النواب وهو الأمر الذي يؤكده ازدياد عدد لجان التحقيق البرلمانية وتعاون الحكومة معها نسبيا ذلك لأن بعض اللجان قد اشتكت من عدم تقديم بعض الأجهزة للمعلومات المطلوبة واللازمة لعملها الأمر الذي تطلب تدخل رئيس الوزراء لحث هذه الجهات وتوجيهها بتقديم المعلومات المطلوبة، كما برز الدور الرقابي في مناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة لعامي2009 و2010 الذي تمت مناقشته بحرفية ومهنية عالية من جانب اللجنة المعنية ومن جانب الأعضاء الذين أصروا علي أن تتضمن إعانة غلاء المعيشة واصلاح المساكن الآيلة للسقوط الأمر الذي وجدت الحكومة صعوبة في الاستجابة له في اطار قانون الموازنة العامة للدولة والملاحظ أن الطرفين قد سعيا الي الوصول الي صيغة توافقية حول هذا الموضوع وهو أمر يعكس مستوي مرتفعا للنضج السياسي للممارسة وعندما تعذر الوصول الي ذلك التوافق كان تدخل العاهل البحريني الحاسم للموضوع محل الخلاف.
ج- سعي النظام السياسي البحريني الي تطوير الأجهزة والمؤسسات الادارية الحكومية وتحسين مستوي الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين بقدر الامكان وأن كان هذا لا يعني الرضاء الكامل للمواطنين علي هذه الخدمات الا أن الاستجابة الرسمية علي حالات عدم الرضا تدور في الأغلب الأعم حول السعي الي علاج أوجه الخلل أو علي الاقل الوعد بحلها.
ح- اتساع نطاق الاهتمام باحترام حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة والتزام الدولة الرسمي أمام المنظمات الدولية باحترام تعهداتها الدولية في هذا المجال.
خ- خضوع الأجهزة الحكومية لرقابة ديوان الرقابة المالية والتزامها بعلاج الملاحظات التي يقدمها بالنسبة لأعمالها هذا بالاضافة الي التزامها بتوفيق أوضاعها وفقا للقواعد القانونية والفنية التي يحددها الديوان.
وبالرغم من التطورات الهامة التي شهدتها مملكة البحرين علي صعيد بناء النظام الديموقراطي الا أن هناك بعض التحديات التي تواجه هذه العملية، من أبرزها ازدياد قوي الاسلام السياسي السنية والشيعية علي السواء وتراجع القوي الليبرالية الأمر الذي ادي الي ازدياد حدة الاستقطاب الطائفي علي الصعيد السياسي وهو الأمر الذي يسعي النظام الي معالجته حفاظا علي الوحدة الوطنية، كما أن لجوء بعض الاجنحة السياسية الي استخدام اساليب العنف يمثل تحديا خطيرا لعملية بناء النظام الديموقراطي خاصة وأنه يتعارض مع جوهر هذا النظام، هذا بالاضافة الي الارتفاع المستمر لسقف مطالب المعارضة التي تريد اتخاذ بعض الاجراءات التي يري بعض المحللين أن الظروف غير مهيأة لها وأنها بمثابة حرق للمراحل، كما أن بعض قوي المعارضة تكونت خبرتها السياسية في مراحل سابقة علي المشروع الاصلاحي ومن ثم يتعاملون مع الواقع السياسي القائم من خلال رؤي قد لا تتلاءم مع متطلبات المرحلة الحالية الأمر الذي ينتج عنه العديد من المشكلات، كما أن عملية بناء النظام الديموقراطي تتطلب تغييرا في ثقافة المجتمع وفي الاطار الفكري للممارسة السياسية وتنمية لمهارات العمل السياسي وهو ما قد يتطلب قدرا من الوقت، ولكن الملاحظ أن هناك ادراكا واضحا من جانب النظام البحريني والقوي السياسية البحرينية المختلفة لهذه التحديات وهناك العديد من الافكار المطروحة علي الساحة السياسية للتعامل مع هذه التحديات.
المراجع:
(1) اعتمدنا في رصد مظاهر التطور نحو التحول الديموقراطي في دول الخليج العربية علي بنك المعلومات الخاص بهذه الدول في مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة.
تعليقات
إرسال تعليق